للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستلزم الهرب منه، فإذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم.

ولهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس "المخبر" (١) كالمعاين (٢) فإن موسى عليه السلام لما أخبره ربه أنّ قومه عبدوا العجل لم يلق الألواح، فلما رآهم عاكفين على عبادته ألقاها. وليس ذلك لشك موسى في خبر اللَّه لكن المخبر وإن جزم بصدق الخبر فقد لا يتصور المخبر به في نفسه كما يتصوره إذا عاينه، ولهذا جعلوا اليقين ثلاثة أنواع: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين.

ومنها أن الأعمال الظاهرة والباطنة من الإيمان والناس يتفاضلون في ذلك عيانًا (٣).

وعلى كل حال الناس متفاضلون في الإيمان تفاضلًا ظاهرًا لا يخفى على ذي حس وعلم.

ولهذا كان ما عليه سلف الأمة وجل الأئمة:

أن الإيمان: قول وعمل ونية يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

قال الإمام عبد البر (٤) في التمهيد: "أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان


(١) في النسختين: "الخبر" والمثبت من الإيمان لشيخ الإسلام ومنه ينقل المؤلف.
(٢) رواه أحمد في المسند (١/ ٢١٥، ٢٧١) عن ابن عباس ولفظه: "ليس الخبر كالمعاينة" وتتمته: إن اللَّه عز وجل أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت".
قال الشيخ ناصر الألباني في حاشية الإيمان لابن تيمية (ص ٢٢١): "رواه أحمد وغيره بسند جيد".
(٣) نهاية كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد نقله المؤلف ببعض التصرف والاختصار.
انظر: الإيمان (ص ٢١٩ - ٢٢٢).
(٤) ابن عبد البر: سبقت ترجمته (١/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>