للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال وزعم هؤلاء أنه كان كاملًا قبل ذلك بعشرين سنة من أول ما نزل عليه الوحي بمكة حين دعى الناس إلى الإقرار، قال حتى لقد اضطر بعضهم حين أدخلت عليه الحجة إلى أن قال: إن الإيمان ليس بجميع الدين، ولكن الدين ثلاثة أجزاء فالإيمان جزء والفرائض جزء والنوافل جزء.

قال شيخ الإسلام: "هذا هو مذهب القوم".

قال أبو عبيد: "وهذا غير ما نطق به الكتاب ألا تسمع إلى قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

فأخبر أن الإسلام هو الدين برمته، وهؤلاء يزعمون أنه ثلث الدين" (١).

ولما كان الإمام أحمد، وكذا أبو ثور (٢) ونحوهما قد عرفوا قول المرجئة وهو قولهم: إن الإيمان لا يذهب بعضه ويبقى بعضه، فلا يكون ذا عدد اثنين أو ثلاثة فإنه إذا كان ذا عدد أمكن ذهاب بعضه وبقاء بعضه بل لا يكون إلا شيئًا واحدًا، قال لهم الإمام أحمد: من زعم أن الإيمان الإقرار فما يقول في المعرفة هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار وهل يحتاج أن يكون مصدقًا بما عرف فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار فقد أقر أنه من اثنين وإن قال إنه يحتاج أن يكون مقرًا ومصدقًا بما عرف (٣) فهو من ثلاثة أشياء وإن جحدو قال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق فقد


(١) انظر: كتاب الإيمان لابن تيمية (ص ١٩٥ - ١٩٦) ولم أجد النص في كتاب الإيمان لأبي عبيد.
(٢) إبراهيم بن خالد بن أبي اليماني الكلبي أبو ثور الفقيه الحافظ الثقة، مات سنة أربعين ومائتين.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٢/ ٧٢)؛ وتقريب التهذب (ص ٢٠).
(٣) في "ظ" بما عرفوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>