للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: "أُتِىَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرٍ (٦٧) " أَىْ: عُرْىٍ، لَيْسَ عَلَيْهْ سَرْجٌ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ: فَرَسٌ عُرْىٌ، وَخَيْل أَعرَاءٌ (٦٨). وَلَا يُقَالُ: فَرَسٌ مُعْرَوْرٍ. وَإِنَّمَا الْمُعْرَوْرِى (٦٩): الَّذِى يَرْكَبُ الْفَرَسَ عَرْيًا. يُقَالِ: اعْرَوْرَى الْفَرَسَ: إِذَا رَكِبَهُ عُرْيًا.

قَوْلُهُ: "إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ" (٧٠) أَصْلُ الضَّلَالِ: الْجَوْرُ عَنِ الطَّرَيقِ: وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: أَصْلُهُ الْغَيْبُوبَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَضِلُّ رَبِّى} (٧١) أَىْ: لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} (٧٢) أَىْ: ذَهبْنَا وَغِبْنَا. فَكَاْنَّ الْكَافِرَ جَارَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، أوْ غَابَ عَنْهُ الْحَقُّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ (٧٣).

* قَوْلُهُ: "فَوَارِهِ" أَىْ: غَطِّهِ وَاسْتُرْهُ، الْمُوَارَاةُ: السَّتْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} (٧٤).

قَوْلُهُ: "بِنَارٍ وَلَا نَائِحَةٍ" (٧٥) أَرَادَ بِالنَّارِ: مَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ مِنَ اتِّباعِ الْجَنَازَةِ بِالْبَخُورِ. وَالنَّائِحَةُ: الْبَاكِيَةُ. وَأَصْلُ التَّنَاوُحِ: التَّقَابُلُ، يُقَالُ: تَنَاوَحَ الْجَبَلَانِ: إِذَا تَقَابَلَا، وَكَانَ النِّسَاءُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، يُقَابِلُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، فَيَبْكِينَ وَيَنْدُبْنَ الْمَيِّتَ، فَهُو: النَّوْحُ (٧٦).

قَوْلُهُ: "الْبَقِيعُ" (٧٧) اسْمٌ عَلَمٍ لِمَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ، وَفِى غَيْرِهَا: مَوْضِعٌ فِيهِ أَرُومُ الشَّجَرِ مِنْ ضُرُوبٍ شَتَّى، وَمِنْهُ سُمِّىَ بَقِيعُ الْغَرْقَدِ الْمَذْكُور (٧٨).

قَوْلُهُ (٧٩): "مِنى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ" هُوَ (٨٠) مِنْ أَنَاخَ الْبَعِيرَ: إِذَا أَبْرَكَهُ وَاسْتَنَاخَ الْبَعِيرُ بِنَفْسِهِ: بَرَكَ، وَأَرَادَ أَنَّهَا (٨١) مَنْزِلُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا وَحَازَهَا.

قَوْلُهُ: "اللَّحْدُ" (٨٢) هُوَ الشَّقُّ فِى نَاحِيةِ الْقَبْرِ، وَأَصْلُهُ: الْمَيْلُ وَالْعُدُولُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْكَافِرِ: مُلْحِدٌ؛ لأنَّهُ مَالَ عَنِ الْحَقِّ وَعَدَلَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيْهِ بِإلْحَادٍ (٨٣) بِضُلْمٍ} وَقَالَ الشَّاعِرُ (٨٤):

ثَوَى فِى مُلْحَدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ... كَفَى بِالْمَوْتِ نَأَيًا وَاغْتِرَابًا

قَوْلُهُ (٨٥): "يُعَمَّقُ الْقَبْرُ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ" أَىْ: يُجْعَلُ عَمِيقًا، لَهُ غَوْرٌ فِى الْأرْضِ. وَأَصْلُ العُمْقِ: قَعْرُ الْبِئْرِ. وَتَعْمِيقُ الْبِئْرِ وَاِعْمَاقُهَا: جَعْلُهَا عَمِيقَةً. وَقَدْ عَمُقَ الرَّكِىُّ عَمَاقَةً. وَيُقَالُ: عُمْقٌ (٨٦) بِالضَّمِّ


(٦٧) فى المهذب ١/ ١٣٦: روى جابر بن حمرة أن النبى - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازة، فلما انصرف أتى بفرس معرور فركبه ومثله فى النهاية ١/ ٢٢٥ وفى سنن النسائى ٤/ ٨٦ معرورى وفى صحيح الترمذى ٧/ ١٨٣ "فتلقاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرس لأبى طلحة عرى".
(٦٨) ع: عرى: غريف. والمثبت من خ والعين ٢/ ٢٣٣ وتهذيب اللغة ٣/ ١٥٨ والمحكم ٢/ ١٦٧، والصحاح (عرى).
(٦٩) يقال: اعْرَوْرَيْتُ الفرسَ فأنا مَعْرَوْرٍ وهو مُعْرَوْرىً. وانظر الأساس (عرى) والصحاح والمغرب والمصباح (عرى) والنهاية ٣/ ٢٢٥.
(٧٠) فى المهذب ١/ ١٣٦: ولا يكره للمسلم اتباع جنازة أقاربه من الكفار؛ لما روي على (ر) قال: أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن عمك الضال قد مات. فقال: اذهب فواره.
(٧١) سوره طه آية: ٥٢.
(٧٢) سورة السجدة آية: ١٠.
(٧٣) وقال أبو عبيدة: مجازه: همدنا فلم يهجد لنا لحم لا عظم. مجاز القرآن ٢/ ١٣١ وانظر الصحاح ضلل.
(٧٤) سورة المائدة آية: ٣١.
(٧٥) فى المهذب ١/ ١٣٦ ولا تتبع الجنازة بنار لا نائجة.
(٧٦) عن الصحاح (نوح) وعبارته: ومنه سميت النوائح. والنوح المصدر والاسم: النياحة.
(٧٧) فى المهذب ١/ ١٣٦: والدفن فى المقبرة أفضل؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن الموتى بالبقيع.
(٧٨) معجم ما استعجم ١/ ٢٦٥ والعين ١/ ٢٠٩ وتهذيب اللغة ١/ ٢٨٤ والمغانم المطابة ٦١ والصحاح (بقع).
(٧٩) فى المهذب ١/ ١٣٦: وإن تشاح اثنان فى مقبرة مسبلة قدم السابق منهما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - منى مناخ من سبق.
(٨٠) ع: فهو.
(٨١) ع: بها.
(٨٢) فى المهذب ١/ ١٣٦: أيهما كان أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه إلى اللحد.
(٨٣) سورة الحج آية ٢٥ قال أبو عبيد: مجازه: ومن يرد فيه الحادًا والباء من حروف الزوائد وهو الزيغ والجور والعدل عن الحق. مجاز القرآن ٢/ ٤٨ وانظر معانى الفراء ٢/ ٢٢٢، ٢٢٣ وتفسير غريب القرآن ٢٩١ وتهذيب اللغة ٤/ ٤٢٢.
(٨٤) بشر بن أبى خازم كما فى نهاية الأدب ٣/ ٦١ والتمثيل والمحاضرة ٥٠.
(٨٥) فى المهذب ١/ ١٣٧: ويستحب أن يعمق. . . . . . . . . إلخ.
(٨٦) ع: أعمق تحريف والمثبت من خ والصحاح والنقل عنه.