للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابْدَأَنْ مِنْ نَجْدٍ عَلَى ثِقَةٍ ... وَالشَّهْرُ مِثّلُ قُلَامَةِ الظُّفْرِ

وَرَمَضَانُ: مَأْخُوذٌ مِنْ رَمِضَ الصَّائِمُ: إِذَا حَرَّ جَوْفُهُ مِنَ الْعَطَشِ. وَالرَّمْضَاءُ: الْحَرُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَمَضَانُ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ الله [تَعَالَى]. وَفِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، هَذَا أَجْوَدُهَا (١٣).

قَوْلُهُ: "رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإسْلَامِ" أَرْكَانُ كُلِّ شَىْءٍ: نَوَاحِيهِ وَأَركَانُ الْجَبَلِ: جَوَانِبُهُ، وَمِنْهُ: أَرْكَانُ الْبَيْتِ، فَأْرَادَ أَنْ الصَّوْمَ أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، أَىْ: جَوَانِبُهُ الّتِى بُنِىَ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ مَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ: فَسَدَ وَاخْتَلَّ بِنَاوهُ، وَكَذَلِكَ أَرْكَانُ الإِسْلَامِ، مَتَى فُقِدَ مِنْهَا رُكْنٌ لَمْ يَتِم الإسْلَام.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْفَرْضِ: أَنْ الرُّكْنَ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَلَا يَتِمُّ الْعَمَلُ إِلَّا بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَالْفَرْضُ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ.

قَوْلُهُ: "يَتَحَتَمُ وُجُوبُ ذَلِكَ" (١٤) الْحَتْمُ: إِحْكَامُ الأَمْرِ، وَالْحَتْمُ أيْضًا: الْقَضَاءُ، وَحَتَمْتُ عَلَيْهِ الشَّىْءَ: أَوْجَبْتُ (١٥) فَمَعْناهُ: يَجِبُ وُجُوبًا مُحْكَمًا (١٦) مَقْضِيًّا بِهِ، لَا نَقْضَ فِيهِ وَلَا رَدَّ.

قَوْلُهُ: "يَسْقُطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ" (١٧): هُوَ مَا تُكُلَّفَ بِهِ (١٨) الإِنْسَانً مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَاِلصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَمِيلُ إِلَى الرَّاحَةِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ، فَفَرْضُهَا عَلَيْهِ تَكْلِيفُ مَشَقَّةٍ لَا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ، يُقَالُ: كَلَّفْتُهُ تَكْلِيفًا، أَىْ: أمَرْتُهُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُكَلَّف (١٩). وَالْمُكَلَّفُ فِى الشَّرْعِ: هُوَ الَّذِى وُجِدَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّكْلِيفِ، مِنَ الْبُلُوغِ وَالإِسْلَام، وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ (٢٠) {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (٢١) مَا قَدْ مَضَى، يُقَالُ: سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفًا، مِثْلُ (٢٢) طَلَبَ يَطْلُبُ طَلَبًا، أَىْ: مَضَى، وَالسَّلَفُ الْمُتَقَدِّمُون (٢٣).

قَوْلُهُ: "الَّذِى يَجْهَدُهُ الصَّوْمُ" (٢٤) يَجُوزُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ، وَيَجُوزُ يَجْهِدُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْر الْهَاءِ يُقَالُ: جَهَدَهُ (الصَّوْمُ) (٢٥) بِالْفَتْج يَجْهَدُهُ، مَفْتُوحٌ أيْضًا: إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ، فُتحَ لِأجْلِ حَرْفِ الْحَلْقِ، وَأَجْهَدَهُ الصَّوْمُ بِالْهَمْزِ يُجْهَدُهُ أيْضًا (٢٦)، وَالأوَّلُ أَفْصَحُ (٢٧).

قَوْلُهُ (٢٨): {مِنْ حَرَجٍ} مِنْ (٢٩) ضِيق، وَقَدْ ذُكِرَ (٣٠).


(١٣) انظر مشارق الأنوار ١/ ٢٩١ وغريب الخطابى ١/ ٤٥٤ والنهاية ٢/ ٢٦٤ واللسان (رمض ١٧٣٠) والصحاح (رمض).
(١٤) فى المهذب ١/ ١٧٧: ويتحتم وجوب ذلك على كل مسلم بالغ عاقل طاهر قادر مقيم.
(١٥) الصحاح (حتم).
(١٦) ع: محتما.
(١٧) خ: سقط عنه التكليف. وفى المهذب ١/ ١٧٧: فى المجنون. فإن أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته فى حال الجنون لأنه صوم فات فى حال يسقط فيه التكليف لنقص فلم يجب قضاؤه.
(١٨) به: من ع.
(١٩) الصحاح والمصباح (كلف) واللسان (كلف ٣٩١٦).
(٢٠) فى المهذب ١/ ١٧٧: فى حال الكافر: لا يؤاخذ بقضاء ما تركه ولا بضمان ما أتلفه ولهذا قال الله عز وجل: {قُلْ لِلذِينَ كَفَرُوا إِنَ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.
(٢١) سورة الأنفال آية ٣٨.
(٢٢) ع: من. وفى الصحاح: مثال والنقل عنه.
(٢٣) فى الصحاح: والسُّلَّافُ: المتقدمون. وفى المصباح: الجمع سَلَفٌ مثل خدم وخدام.
(٢٤) فى المهذب ١/ ١٧٨: ومن لا يقدر على الصوم بحال وهو الشيخ الكبير الذى يجهده الصوم والمريض الذى لا يرجى برؤه فإنّه لا يجب عليه الصوم.
(٢٥) من ع.
(٢٦) الصحاح والمصباح (جهد) وفعلت وأفعلت للزجاج ١٨.
(٢٧) وضعه ثعلب فى الفصيح فى باب فعلت بغير ألف ٢٦٩ ولم يذكر ابن السكيت أجهد فى جهد. إصلاح المنطق ١٨٨ غير أن ابن قتيبة ذكرها فى أدب الكاتب ٤٣٥.
(٢٨) فى المهذب ١/ ١٧٨: لقوله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} سورة الحج آية ٧٨.
(٢٩) ع: أى.
(٣٠) وقد ذكر ليس فى ع.