للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: "فِى رَجَزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ:

* اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا * (٢٨)

فِيهِ خَزْمٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَرُوضِ، وَيَسْتَقِيمُ وَزْنُهُ "لَا هُمَّ" وَالأَلِفُ وَاللَّام زَائِدَتَانِ عَلَى الْوَزْنِ، وَذَلِكَ يَجِيىءُ فِى الشِّعْرِ، كَمَا رُوِىَ عَنْ عَلَىٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ (٢٩):

اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْت ... فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا قِيكَا

وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْت ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا

فَإنَّ قَوْلَهُ: اشْدُدْ: خَزْمٌ كُلُّهُ، وَالْخَزْمُ -بِالزَّاىِ- وَزْنُهُ: مَفَاعِيلُنْ ثَلاثُ مَرَّاتٍ، وَهُوَ هَزَجٌ.

قَوْلُهُ: "* فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا *".

السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ، وَهُوَ: الوَقَارُ وَالطّمَأنِينَةُ، وَمَا يَسْكُنُ بِهِ الإِنْسَانُ، وَقِيلَ: هِىَ الرَّحْمَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنْزِلْ عَليْنَا رَحْمَةً، أَوْ مَا تسْكُنُ بِهِ قُلْوبُنَا مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ وَرُعْبِهِ، وَأَمَّا السَّكِينَةُ الَّتِى فِى الْقُرْآنِ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} (٣٠) قِيلَ: لهَا (٣١) وَجْة مِثْلُ وَجْهِ الإِنْسَانِ، ثُمَّ هِىَ بَعْدُ رِيحٌ هَفَّافُةٌ (٣٢). وَقِيلَ: لَهَا رَأسٌ مِثْلُ رَأْسِ الْهِرِّ وَجَنَاحَانِ، وَهِيَ مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَنْتَصِرُونَ بِهِا، كَمَا نُصِرَ بِهَا طَالُوتُ عَلَى جَالُوتَ.


(٢٨) في حديث البراء بن عازب: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعره، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة: اللهم. . . . إلخ الأبيات. المهذب ٢/ ٢٢٩، ٢٣٠، وانظر سيرة ابن هشام ٣/ ٣٤٢، وديوان ابن رواحة ١٣٩.
(٢٩) الكامل ١١٢١، والتعازى والمرائي ٢٢٣، وطبقات ابن سعد ٣/ ٣٣، والفتوح ٢/ ٢٧٨، والشعر المنسوب لعلى رضي الله عنه ٩٥.
(٣٠) سورة البقرة آية ٢٤٨.
(٣١) ع: له.
(٣٢) ذكره الطبرى في تفسيره ٢/ ٦١٠، وانظر تفسير ابن كثير ١/ ٤٤٥، ومعاني النحاس ١/ ٢٤٩.