للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (٦) إِنَّما كانَ سُؤَالُهمْ عَنْها؛ لأنَّهَا كانَتْ حَرَامًا عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَار مِنَ السَّمَاءِ فتَحْرِقها، فَأحَلَّها الله تَعالَى لهمْ (٧).

وَالغَنيمَةُ أَصْلُها: الرِّبْحُ وَالْفَضْل، وَمِنْهُ الْحَديثُ فِى الرَّاهِنِ (٨) "له غُنْمُهُ" أَىْ: رِبْحُهُ وَفَضْلُهُ.

وَالفيْىءُ أَصْلُهُ فِى اللُّغَةِ: الرُّجوع، يُقَالُ: فَاءَ إِلَى كذا، أَي: رجَعَ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَالٌ رَجَعَهُ الله إِلَى الْمُسْلِمينَ وَرَدَّهُ (٩)، وَمِنْهُ قِيلَ لِلظلِّ فَيْىءٌ؛ لأنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِب إِلى جَانِبٍ.

[قَوْلُهُ: "لِأميرِ الْجَيْش" (١٠)] سُمِّىَ الْأَميرُ أَميرًا؛ لأنَّ أصحابَهُ يَفْزَعون فِي أَمرهِمْ إِلَى مُؤَامَرَتِهِ، أَيْ: مُشَاوَرَتِهِ. وَقيلَ: سُمِّىَ أَميرًا لِنَافاذِ أَمْرِهِ. وَقيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَمِرَ بِكَسْرِ الْميمِ، أَيْ: كَثُرَ؛ لأنَّهُ فِي نَفسِهِ -وَإِنْ كانَ وَحْدَهُ- كثيرٌ، وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} (١١) أَىْ: كَثَرنَاهُمْ (١٢).

قَوْلُهُ: "كانَ يُنَفل فِى الْبَدْأَة الرُبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ" (١٣) وفي بعضها (١٤) "الْقُفولِ".

الْبَدْأُةُ: السَّرِيَّةُ الَّتِى يُنَفِذُهَا الِإمامُ أَوَّل مَا يَدخُلُ بِلَاد الُعَدُوِّ، وَأَرَادَ


(٦) سورة الأنفال آية ١.
(٧) ذكره ابن قتيبة حديثا عن أبي هريرة. غريب الحديث ١/ ٢٩٩، ٢٣٠، وانظر اللسان (فعل) وتهذيب اللغة ١٥/ ٣٥٤.
(٨) كذا في خ وع: وفي غريب ابن قتيبة ١/ ١٩٢، ٢٢٩: ومنه قيل في الرَّهْن: "له غنْمُهُ وعليه غُرْمُهُ" أي: فضله للراهن ونقصانه عليه.
(٩) ع: قالَ: وَرَجَعَ وَرُدَّ والمثبت من خ وغريب ابن قتيبة ١/ ٢٢٨.
(١٠) من ع وفي المهذب ٢/ ٢٤٣، يجوز الأمير الجيش أن ينفل لمن فعلا يفضي إلى الظفر بالعدو. . . الخ.
(١١) الإسراء ١٦.
(١٢) معاني الزجاج ٣/ ٢٣٢، والبحر المحيط ٦/ ٢٠، ومجاز القرآن ١/ ٣٧٢ , ٣٧٣، وانظر معاني الفراء ٢/ ١١٩.
(١٣) المهذب ٢/ ٢٤٣.
(١٤) أي: بعض نسخ المهذب.