للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالَ ابْنُ الْأَنْبارِىِّ (٢٧) فِى الْويّحِ قَوْلان، قالَ أَهْلُ التَّفْسير: الْوَيْحُ: الرَّحْمَةُ، وَقالوا: حَسَنٌ أَنْ يَقول الرَّجُلُ لِمَنْ يُخاطِبُهُ: وَيْحَكَ. وَالثَّانِي: قالهُ الْفَرّاءُ: الْوَيْحُ وَالْوَيْسُ: كِنايَتانِ عَنِ الْوَيْلِ، وَمَعْنَى وَيْحَكَ: وَيْلَكَ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْعَرَبِ: كَاتَعَهُ اللهُ، كِنايَة عَنْ قَولهِمْ: قاتَلَهُ اللهُ، وَكَنَّى آخَرونَ، فَقالوا: كاتَعَهُ اللهُ.

وَقالَ غَيْرُهُ (٢٨) وَيْحٌ: كَلِمَةُ رَحْمَةٍ ضِدُّ وَيْلٍ: كَلِمَةُ عَذَابٍ.

وَقالَ الْيزِيدىُّ: هُما بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقالُ: وَيْححٌ لِزَيْدٍ، وَوَيْلٌ لِزَيْدٍ بِرَفْعِهِما عَلَى الابْتِداءِ، وَلَكَ أَنْ تَقُول: وَيحًا لِزَيد وَوَيْلًا لِزَيْد، فَتَنْصِبَهُما بِإِضْمارِ فِعْلٍ، كَأنَّكَ قُلْتَ: أَلْزَمَهُ اللهُ وَيْحًا وَوَيْلًا (٢٨).

قَوْلُهُ: "لا حَرَجَ" أَيْ: لا ضيقَ أَوْ لا إِثْمَ، وَقَدْ ذُكِرَ (٢٩).

قَوْلُهُ: "يَرْنَمُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ" (٣٠) الرَّنَمُ -بالتَّحرِيكِ: الصَّوْتُ، وَقَدْ رَنِمَ -بِالكَسْرِ- وَتَرَنَّمَ: إِذا رَجَّعَ صَوْتَهُ، وَالتَّرْنيمُ: مِثْلُهُ، وَتَرَنَّمَ الطائِرُ فِى هَديرِهِ. وَقيلَ: إِنَّ البَيْتَ الَّذي أَنْشَدَهُ عُمَرُ (٣١) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

وَإِنَّ ثَوَائِى بِالْمَدينَةِ بَعْدَما ... قَضَى وَطرًا مِنْها جَميُل بْنُ مَعْمَرِ

أَرادَ جَميلَ بْنَ مَعْمَرٍ الْجُمَحِىَّ، لَا الْعُذْرِىَّ، فَإِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ.


(٢٧) في الزاهر ١/ ٢٣٥.
(٢٨) الصحاح (ويح).
(٢٩) ١/ ٦٥، ٢/ ٢٢٠.
(٣٠) في المهذب ٢/ ٣٢٦: كان عمر - رضي الله عنه - إذا دخل في داره يرنم. . ..
(٣١) ذكره المبرد في الكامل ٥٦٤، وابن عبد البر في الاستيعاب ٢٤٨. وانظر ترجمته في نسب قريش ٣٩٤، ٣٩٥، والتبيين ٤٠٠، وجمهرة الأنساب ١٦١. وذكر ابن عبد البر: أن الذي كان يتغنى بالبيت هو عبد الرحمن بن عوف، وسمعه عمر، فقال: ما هذا يا أبا محمد؟ فقال: إنا إذا خلونا في منازلنا قلنا ما يقول الناس.