للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولكم: "إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَرَنَهُ بالمسْنُونَاتِ".

فدلالةُ الاقترانِ لا تَقْوَى على مُعَارَضَةِ أدلَّة الوجوبِ (١)، ثم إنَّ الخصالَ المذكورةَ في الحديث، منها ما هو واجبٌ، كالمضمضةِ والاستنشاقِ والاستنجاءِ، ومنها ما هو مستحبٌّ كالسِّواكِ.

وأمَّا تقليمُ الأظفَارِ؛ فإنَّ الظُّفُرَ إذا طالَ جدًّا بحيثُ يجتمعُ تحتَهُ الوَسَخُ: وَجَبَ تقليمُه لصحَّةِ الطَّهارةِ.

وأمَّا قصُّ الشَّارب؛ فالدَّليلُ يقتضي وجوبَه إذا طالَ، وهذا الذي يتعيَّن القولُ به؛ لأمْرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - به، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لم يَأخذْ شاربَه فليس منَّا" (٢).

وأمَّا قولُ الحَسَنِ البَصْريِّ: "قد أسلمَ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الناسُ، فما فتَّشَ أحدًا منهم".

فجوابه: أنَّهم استغنَوا عن التفتيش بما كانوا عليه من الختان، فإنَّ العرب قاطبةً كلهم كانوا يختتنون، واليهود قاطبة تختتنُ، ولم يَبْقَ إلا النَّصارى. وهم فرقتان: فرقةٌ تختتنُ، وفرقةٌ لا تختتنُ.

وقد عَلِمَ كلُّ من دخلَ في الإسلامَ منهم ومِنْ غيرهم أنَّ شعارَ


(١) في "أ": دلالة الوجوب.
(٢) تقدم قبل قليل ص (٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>