بانقضاء أجل العالم وطيِّ الدنيا، فتمطر الأرض مطرًا غليظًا أبيض كمَنِيِّ الرجال، أربعين صباحًا، فينبتون من قبورهم كما تنبت الشجرة والعشب.
فإذا تكاملت الأجنَّة وأقربت الأم، وكان وقت الولادة، أمر الله سبحانه إسرافيل فنفخ في الصور نفخة البعث، وهي الثالثة، وقبلها نفخة الموت، وقبلها نفخة الفزع، فتشققت الأرض عنهم، فإذا هم قيام ينظرون، يقول المؤمن:«الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور».
ويقول الكافر:{يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}[يس/ ٥٣]، فيساقون إلى المحشر حُفاة عُراة غُرْلًا بُهْمًا، مع كلِّ نفسٍ سائقٌ يسوقها وشهيدٌ يشهد عليها، وهم بين مسرور ومَثْبُور، وضاحك وباكٍ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس/ ٣٨ ـ ٤١].
حتى إذا تكاملتْ عِدَّتُهم، وصاروا جميعًا على وجه الأرض، تشقَّقتِ السماء، وانْتَثَرتِ الكواكب، ونزلتْ ملائكة السماء، فأحاطت بهم، ثم نزلت ملائكةُ السماء الثانية، فأحاطت بملائكة السماء الدنيا، ثم كلُّ سماء كذلك.