للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويختلف مرورهم عليه بحسب اختلاف استقامتهم على الصراط المستقيم في الدنيا، فمارٌّ كالبرق، وكالرِّيح، وكالطير، وكأَجَاوِيْدِ الخيل؛ وساعٍ، وماشٍ، وزاحفٌ، وحابٍ حَبْوًا.

ويُنْصَبُ على جَنَبتَيهِ كَلَالِيبُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلا الله ــ عزَّ وجلَّ ــ تعوقُ من علقت به عن العُبُور على حسب ما كانت تعوقه الدنيا عن طاعة الله ومَرْضَاتهِ وعُبُودِيَّتِهِ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومخدوشٌ مُسَلَّم، ومقطع بتلك الكلاليب، ومَكْدُوسٌ في النار، وقد طفئ نور المنافقين على الجسر أحْوَجَ ما كانوا إليه، كما طفئ في الدنيا من قلوبهم، وأُعْطُوا دون الكفار نورًا في الظاهر كما كان إسلامهم في الظاهر دون الباطن، فيقولون للمؤمنين: قفوا لنا {نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} ما نجوزُ به، فيقول المؤمنون والملائكة: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}] الحديد/ من الآية ١٣ [.

قيل: المعنى: ارجعوا إلى الدنيا، فخذوا من الإيمان نورًا تجوزون به كما فعل المؤمنون (١).

وقيل: ارجعوا وراءكم حيث قسمت الأنوار، فالتمسوا هناك نورًا تجوزون به.

ثم ضرب {بَيْنَهُمْ} وبين أهل الإيمان {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ} الذي يلي


(١) أخرج نحوه الطبري عن ابن عباس: ٢٧/ ٢٢٤. وانظر: الدر المنثور: ١٤/ ٢٧٠ - ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>