ثم ينادي منادٍ: لتتبعْ كلُّ أمة ما كانت تعبد، فيذهب أهل الأوثان مع أوثانهم، وأهلُ الصَّليب مع صليبهم، وكلُّ مشركٍ مع إلهه الذي كان يعبد، لا يستطيع التخلُّفَ عنه، فيتساقطونَ في النار.
ويبقى الموحِّدونَ، فيقالُ لهم: ألا تنطلقونَ حيث انطلقَ النَّاسُ؟ فيقولون: فارقنا الناس أحوج ما كنا إليهم، وإن لنا ربًّا ننتظره.
فيقال: وهل بينكم وبينه علامةٌ تعرفونه بها؟
فيقولون: نعم، إنه لا مثل له.
فيتجلَّى لهم سبحانه في غير الصورة التي يعرفونه، فيقول: أنا ربُّكم.
فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يَأتِيَنا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيتجلَّى لهم في صورته التي رأوه فيها أوَّلَ مرَّةٍ ضاحكًا، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعم، أنت ربُّنا، ويخِرُّون له سجّدًا، إلا من كان لا يصلي في الدنيا، أو يصلي رياء، فإنَّه يُحَال بينه وبين السّجُودِ.
ثم ينطلق ـ سبحانه ـ ويَتبعونه، ويُضرب الجسرُ، ويُساق الخلق إليه، وهو دحض مَزَلَّة، مظلم، لا يمكن عبوره إلا بنور، فإذا انتهوا إليه، قسمت بينهم الأنوار على حسب نور إيمانهم وإخلاصهم وأعمالهم في الدنيا، فنورٌ كالشمس، ونورٌ كالنجم، ونورٌ كالسراج في قوَّته وضعفه.
وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ على جَنَبَتَي الصِّراط، فلا يجوزه خائنٌ، ولا قاطعُ رَحِمٍ.