لم يعترفوا ببطلان شهادتهم ولا ظهر كذبهم، بخلاف الرَّاجعين عن الشَّهادة، ولكن ذكر القاضي وأبو الخطَّاب رواية أنَّه لا يُنقض الحكم (١) ويضمن الشُّهود، وهذا ضعيف جدًّا.
وخرَّج صاحب المحرَّر في «تعليقه على الهداية» ضمان الشُّهود من إحدى الرِّوايتين فيما إذا شهد أربعة بالزِّنى ثمَّ بانوا فسَّاقاً؛ فإنَّهم يُحَدُّون على إحدى الرِّوايتين؛ وإن لم يعترفوا ببطلان قولهم.
وهذا تخريج ضعيف؛ لأنَّ الشَّهادة بالزِّنى قذف في المعنى، موجِبة للحدِّ في نفسها؛ إلَّا أن يوجد معها كمال النِّصاب المعتبر، ولم يوجد ذلك هنا.
وكذلك يجب عليهم حدُّ القذف، سواء استُوفِي من المشهود عليه الحدُّ أو لا، وليس المستوفَى من الشَّاهد نظير المستوفَى من المشهود عليه.
وأمَّا الشَّهادة بالمال؛ فلا يترتَّب عليها ضمان إلَّا أن ينشأ عنها غرم، ثمَّ يتبيَّن بطلانها؛ إمَّا بإقرار الشَّاهد، أو يتبيَّن كذبها بالعيان، ولم يوجد هنا واحد منهما.
والحالة الثَّانية: ألَّا يكون ثَمَّ تزكية؛ فالضَّمان على الحاكم وحده، ذكره الخرقيُّ والأصحاب؛ لتفريطه بقبول من لا يجوز قبول شهادته من غير إلجاء إلى القبول.
(١) كتب على هامش (ن): (ظاهر هذا: أنَّه سواء بان الشُّهود فسقة أو كفَّاراً، والمعروف أنَّ اختلاف الرِّوايتين إنَّما هو في الفسقة لا في الكفَّار، فليحرَّر).