للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها: المكره على إتلاف مال الغير، وفي الضَّمان وجهان:

أحدهما: أنَّه على المكرِه وحده، لكن للمستحِقِّ مطالبة المتلِف، ويرجع به على المكرِه؛ لأنَّه معذور في ذلك الفعل؛ فلم يلزمه الضَّمان، بخلاف المكرَه على القتل؛ فإنَّه غير معذور؛ فلهذا شاركه في الضَّمان، وبهذا جزم القاضي في كتاب «الأمر بالمعروف والنَّهيِّ عن المنكر»، وابن عقيل في «عمد الأدلَّة».

والثَّاني: عليهما الضَّمان؛ كالدِّية، صرَّح به في «التَّلخيص»، وذكره القاضي في بعض تعاليقه احتمالاً، وعلَّل باشتراكهما في الإثم، وهذا تصريح بأنَّ الإكراه لا يبيح إتلاف مال الغير، وكان فرض الكلام في الوديعة.

وحكى احتمالاً آخر: أنَّ الضَّمان على المتلِف وحده، كما لو اضطر إلى طعام الغير فأكله، وهذا ضعيف جدًّا؛ لأنَّ المضطر لم يُلجئه إلى الإتلاف من يحال الضَّمان عليه.

ولو أُكره على تسليم الوديعة إلى غير المالك، فقال القاضي: لا ضمان؛ لأنَّه ليس بإتلاف، كذا ذكره في بعض تعاليقه، وصرَّح به في «المجرَّد» مفرِّقاً بينه وبين الإكراه على القتل: بأنَّ القتل لا يُعذر فيه بالإكراه، بخلاف هذا، وهذا التَّعليل يشمل الإتلاف أيضاً.

وتابع ابن عقيل في «الفصول» وصاحب «المغني» القاضيَ في «المجرَّد».

وفي «شرح الهداية» لأبي البركات: المذهب (١) أنَّه لا يضمن؛ كما


(١) زاد في (ب): في.

<<  <  ج: ص:  >  >>