الثَّاني: لو اختار القصاص؛ فله ذلك، وهل له العود عنه إلى الدِّية؟
إن قلنا: القصاص هو الواجب عيناً؛ فله تركه إلى الدِّية.
وإن قلنا: الواجب أحد شيئين؛ فعلى وجهين حكاهما في «التَّرغيب»:
أحدهما: نعم، وهو قول القاضي وابن عقيل؛ ولأنَّ أكثر ما فيه أنَّه تعيَّن له القصاص؛ فيجوز له تركه إلى مال، كما إذا قلنا: هو الواجب عيناً.
والثَّاني: لا، وهو احتمال في «الكافي» و «المحرَّر»؛ لأنَّه أسقط حقَّه من الدِّية باختياره، فلم يكن له الرُّجوع إليها، كما لو عفا عنها وعن القصاص.
وفارق ما إذا قلنا: القود هو الواجب عيناً؛ لأنَّ المال لم يسقط بإسقاطه.
ويجاب عن هذا: بأنَّ الَّذي أسقطه هو الدِّية الواجبة بالجناية، والمأخوذ هنا غيره، وهو مأخوذ بطريق المصالحة عن القصاص المتعيِّن.
القاعدة الثَّالثة: الصُّلح عن موجب الجناية:
فإن قلنا: هو القود وحده؛ فله الصُّلح عنه بمقدار الدِّية، وبأقلَّ وأكثر منها؛ إذ الدِّية غير واجبة بالجناية.
وكذلك إذا اختار القود أوَّلاً، ثمَّ رجع إلى المال وقلنا: له ذلك؛ فإنَّ الدِّية سقط وجوبها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute