للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاس الحريَّة، أو يقال: الأصل فيهم الحريَّة؛ فيكون إذاً من باب تعارض الأصلين.

ومنها: إذا قال لمدخول بها: أنت طالق أنت طالق، ولم يقصد بالثَّانية تأكيداً ولا إيقاعاً، بل أطلق النِّيَّة؛ فقال الأصحاب: تَطلُقُ اثنتين؛ لأنَّه موضوع للإيقاع؛ كاللَّفظ الأوَّل، ولهذا يقال: إذا دار الأمر بين التَّأسيس والتَّأكيد؛ فالتَّأسيس أولى.

وهذا يرجع إلى الحمل على الظَّاهر، مع أنَّ الأصل بقاء الزَّوجيَّة وعدم وقوع الثَّانية والثَّالثة إذا كرَّره ثلاثاً؛ فيتوجَّه: أن يخرَّج رواية أخرى بوقوع واحدة مع الإطلاق؛ لأنَّه المتيقَّن.

ويشهد له ما نقله صالح عن أبيه أنَّه قال: إذا قال: أنت طالق أنت طالق، وقد دخل بها؛ فهو على ما أراد؛ إن كان أراد إفهامها فهو الَّذي أراد، وإن أراد غير ذلك فهو على ما أراد (١). فلم يوقع الثَّانية بدون النِّيَّة.

وقد حكى أبو بكر عبد العزيز فيما إذا قال: أنت طالق بل أنت طالق، وأطلق النِّيَّة: أنَّه لا يلزمه أكثر من واحدة، فإن نوى بالثَّانية طلْقة أخرى؛ فهل يلزمه أم لا؟ على قولين؛ لأنَّه إعادة للَّفظ الأوَّل بعينه؛ فلا يحتمل التكرار، كذلك حكاه القاضي عنه في «كتاب الرِّوايتين».

ويلزم من ذلك أنَّه إذا قال: أنت طالق، وكرَّره وأطلق النِّيَّة: أنَّه لا يلزمه أكثر من واحدة.


(١) ينظر: مسائل صالح (٣/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>