للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وههنا مسألة حسنة، نصَّ عليها أحمد في رواية ابن منصور: إذا قال لامرأته: أنت طالق بل أنت طالق؛ قال: هي تطليقتان، هذا كلام مستقيم، وإن قال: أنت طالق لا بل أنت طالق؛ قال: (١) هي واحدة (٢).

والفرق بينهما: أنَّ (بل) من حروف العطف إذا كان بعدها مفرد، وهي هنا كذلك؛ لأنَّ اسم الفاعل من المفردات، وإن كان متحمِّلاً لضمير؛ بدليل أنَّه يُعرَب، والجمل لا تُعرَب، ولأنَّه لا يقع صلة، ولو كان جملة لوقع صلة، وحينئذٍ فيكون ما بعده معطوفاً على ما قبله، وقد أوقع قبله واحدة ثمَّ عطف عليها أخرى؛ فيقع اثنتان؛ كما لو أتى بواو العطف.

وهذا معنى قول أحمد: (هذا كلام مستقيم) يعني: أنه نسق معطوف بعضه على بعض؛ كسائر المعطوفات بـ (الواو) و (ثمَّ) ونحوهما.

وأمَّا قول النَّحويين: إنَّ ما قبله يصير مسكوتاً عنه غير مثبَت ولا مَنفيٍّ؛ فهذا فيما يقبل النَّفي بعد إثباته، والطَّلاق ليس كذلك؛ فتعيَّن إثبات الأوَّل، وعطف الثَّاني عليه.

وأمَّا إذا قال: أنت طالق، لا بل أنت طالق؛ فقد صرَّح بنفي الأوَّل، ثمَّ أثبته بعد نفيه؛ فيكون المثبَت هو المنفيَّ بعينه، وهو الطَّلْقة الأولى؛ فلا يقع به طلقة ثانية، وهو قريب من معنى الاستدراك، كأنَّه


(١) قوله: (قال) سقط من (ب).
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور (٣/ ١٧٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>