للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيضاً؛ فيتساويان، وهذه طريقة أبي الخطَّاب وصاحب «المحرَّر».

ومنهم من حمل النَّصَّ بالمحاصَّة على القول بتعلُّق الزَّكاة بالذِّمَّة؛ لاستوائهما في محلِّ التَّعلُّق، فأمَّا على القول بتعلُّقها بالنِّصاب؛ فتُقَدَّم الزَّكاة لتعلُّقها بالعين؛ كدين الرَّهن، وهذه طريقة القاضي في «المجرَّد» والسَّامريِّ، وفي كلام أحمد إيماء إليها.

ومن الأصحاب من وافق على هذا البناء، لكن بشرط: أن يكون النِّصاب موجوداً؛ إذ لا يعلَّق بالعين إلَّا مع وجوده، فأمَّا (١) مع تلفه؛ فالزَّكاة في الذِّمَّة؛ فتساوي دين الآدميِّ، وهذا تخريج في «المحرَّر»، مع أنَّ صاحبه ذكر في شرح «الهداية»: أنَّ النِّصاب متى كان موجوداً؛ قُدِّمت الزَّكاة، سواء قلنا: يتعلَّق بالعين أو بالذِّمَّة؛ لأنَّه تعلُّقٌ بسبب المال، يزداد بزيادته، وينقص بنقصه، ويختلف باختلاف صفاته، والزَّكاة من قبيل مؤن المال وحقوقه ونوائبه؛ فيُقَدَّم لذلك على سائر الدُّيون، وحُمِل نصُّ أحمد بالمحاصَّة: على حالة عدم النِّصاب.

فأمَّا إن كان المالك حيًّا وأفلس؛ فظاهر كلام أحمد في رواية ابن القاسم: أنَّه يُقدِّم الدَّين على الزَّكاة؛ لأنَّ تأخير إخراج الزَّكاة سائغ للعذر، وهو محتاج ههنا إلى إسقاط مطالبة الآدميِّ له، وملازمته وحبسه؛ فيكون عذراً له في التَّأخير، بخلاف ما بعد الموت؛ فإنَّه لو قُدِّم دين الآدميِّ؛ لفاتت الزَّكاة بالكليَّة.

وظاهر كلام القاضي والأكثرين: أنَّه يُقَدِّم الزَّكاة حتَّى في حالة الحجر.


(١) في (أ): وأمَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>