للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن قلنا: هي هبة؛ افتقرت إلى إيجاب وقبول، ذكره ابن عقيل وغيره.

وكلام القاضي يقتضي أنَّ في صحَّتها بلفظ الإجازة إذا قلنا: هي هبة؛ وجهين، قال الشَّيخ مجد الدِّين: والصِّحة ظاهر المذهب.

وهل يعتبر أن يكون المجاز معلوماً للمجيز؟

ففي «الخلاف» للقاضي و «المحرَّر»: هو مبنيٌّ على هذا الخلاف، وصرَّح بعد ذلك صاحب «المحرَّر»: بأنَّه لو أجاز قدراً منسوباً من المال، ثمَّ قال: ظننت المال قليلاً: أنَّه يقبل قوله.

ولا تنافيَ بينهما؛ لوجهين:

أحدهما: أنَّ صحَّة إجازة (١) المجهول لا ينافي ثبوت الرُّجوع فيه إذا تبيَّن فيه ضرر على المجيز لم يعلمه؛ استدراكاً لظلامته؛ كما نقول فيمن أسقط شفعته لمعنًى، ثمَّ بان بخلافه؛ فإنَّ له العود إليها، فكذلك ههنا إذا أجاز الجزء الموصى به يظنُّه قليلاً؛ فبان كثيراً؛ فله الرُّجوع بما زاد على ما في ظنِّه.

والثَّاني: أنَّه إذا اعتقد أنَّ النِّصف الموصى به - مثلاً - مائة وخمسون درهماً، فبان ألفاً؛ فهو إنَّما أجاز خمسين درهماً، لم يجز أكثر منها؛ فلا تنفذ إجازته في غيرها.

وهذا بخلاف ما إذا أجاز النِّصف كائناً ما كان؛ فإنَّه يصحُّ ويكون إسقاطاً لحقِّه من المجهول، فينفذ؛ كالإبراء.


(١) قوله: (إجازة) سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>