للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن قلنا: عطيَّة؛ لم يثبت الملك إلَّا بعد الإجازة، ذكره القاضي في «خلافه».

ومنها: أنَّ ما جاوز الثُّلث من الوصايا إذا أجيز؛ هل يزاحِم بالزَّائد ما لم يجاوزه؟

هو مبنيٌّ على هذا الاختلاف، ذكره صاحب «المحرَّر»، وأشكل توجيهه على الأصحاب، وهو واضح؛ فإنَّه إذا كانت معنا وصيَّتان، إحداهما مجاوزة للثُّلث، والأخرى لا تجاوزه؛ كثلث ونصف (١)، وأجاز الورثة الوصيَّة المجاوِزة (٢) للثُّلث خاصَّةً.

فإن قلنا: الإجازة تنفيذ؛ زاحم صاحبُ النِّصف صاحبَ الثُّلث بنصف كامل؛ فيقسم الثُّلث بينهما على خمسة، لصاحب النِّصف ثلاثة أخماسه، وللآخر خُمُساه، ثمَّ يُكمَّل لصاحب النِّصف نصفه بالإجازة.

وإن قلنا: الإجازة عطية؛ فإنَّما يزاحمه بثلث خاصَّةً؛ إذ الزِّيادة عليه عطيَّة محضة من الورثة لم تُتَلقَّ من الميِّت؛ فلا يزاحم بها الوصايا؛ فيقسم الثُّلث بينهما نصفين (٣)،


(١) قوله: (كثلث ونصف) هو في (ب) و (ج) و (هـ) و (و) و (ن): كنصف وثلث.
(٢) في (أ): للمجاوزة.
(٣) كتب على هامش (و) و (ن): (لأن الوصية بما زاد على الثلث باطلة، كما بين المصنف في آخر هذا الكلام على هذه المسألة: أن الخلاف فيها في كون الإجازة تنفيذاً أو ابتداءَ عطيةٍ؛ مفرع على القول بإبطال الوصية بالزائد على الثلث وصحتها، فإن قلنا بصحة الوصية بالزائد على الثلث وأجازه الورثة؛ فالإجازة تنفيذ للوصية، وإن قلنا ببطلان الوصية بالزائد على الثلث وأجازه الورثة؛ فهي ابتداء عطية، فيكون الموصي كأنه أقرَّ بثلث لإنسان وبثلث لآخر، فيقسم الثلث بينهما نصفين، كما لو أوصى لكل منهما بالثلث ابتداء، فقِسْمَةُ الثلث بينهما على هذا صحيحة، وليس كما قال شيخ الإسلام ابن نصر الله: إنها ليست صحيحة، بل تجب قسمة الثلث أخماساً، سواء قلنا الإجازة تنفيذ أو ابتداء عطية، وإن دعوى المصنف لوضوح ما قاله صاحب «المحرر» ليس صواباً، وما قاله المصنف من تفريع الخلاف على القول بإبطال الوصية بالزائد على الثلث وصحتها صرح به صاحب «الفروع»، وحلَّ به قاضي القضاة ناصر الدين الكناني عبارة «المحرر»، فاتضح بذلك عبارته وإن كان ظاهرها مشكلاً، والله أعلم).
قال في الإنصاف (١٧/ ٢٣٢) بعد أن ذكر كلام ابن رجب: (وقد تكلم القاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي على هذه المسألة في كراسة بما لا طائل تحته. وما قاله ابن رجب صحيح واضح).

<<  <  ج: ص:  >  >>