للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد يفرَّق (١): بأنَّ التَّحريم ثَمَّ طارئ، وهنا مستصحب من الابتداء؛ فلا يلزم من الجواز ثَمَّ الجوازُ ههنا، ويلزم من التَّحريم هناك التَّحريم ههنا بطريق الأولى.

والمقام الثَّاني: في الأحكام المترتِّبة على هذا الأصل، وهي كثيرة:

فمنها: غسل الطِّيب للمحرم بيده يجوز؛ لأنَّه تركٌ للتَّطيُّب لا فعل له، ذكره الأصحاب، واستدلُّوا بحديث الَّذي أحرم وهو متضمِّخ بطيب، فأمره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم أن يغسله عنه (٢)، ولكن هذا كان جاهلاً بالحكم؛ فهو كمن تطيَّب بعد إحرامه ناسياً؛ فإنَّه يغسله بغير خلاف.

وخصَّ كثير من الأصحاب كالقاضي وغيره الحكم بالنَّاسي، وهو مشعر أنَّ العامد بخلافه، وهو متخرِّج على الخلاف السَّابق في كونه معصية.


(١) كتب على هامش (ن): (أي: بين مسألة الغاصب إذا تاب وبين مسائل النَّوع الثَّالث، ومع الفرق لا يصحُّ التَّخريج المذكور).
(٢) وهو ما أخرجه البخاري (٤٣٢٩)، ومسلم (١١٨٠) من حديث صفوان بن يعلى بن أمية: أن يعلى كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه، قال: فبينا النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وعليه ثوب قد أظل به معه فيه ناس من أصحابه، إذ جاءه أعرابي عليه جبة متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بالطيب؟ فأشار عمر إلى يعلى بيده: أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه، يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: «أين الذي يسألني عن العمرة آنفًا» فالتمس الرجل فأتي به، فقال: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزِعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك».

<<  <  ج: ص:  >  >>