للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسرُّ ذلك: أنَّ الحيوان ينعقد من الماءين، ثمَّ يغتذي من دم المرأة؛ فأكثر أجزائه مخلوقة من الأمِّ، كذلك البذر ينحلُّ في الأرض، وينعقد الزَّرع من التُّربة والحبَّة، ثمَّ يغتذي من الأرض ومائها وهوائها؛ فيصير أكثر أجزائه من الأرض.

وإنَّما خُيِّر مالك الأرض بين تملكه وبين أخذ الأجرة؛ لأنَّه قابل لاستيفائه (١) بعقد الإجارة، بخلاف الإيلاد، وجُبِر حقُّ صاحب البذر بإعطائه قيمة بذره ونفقة عمله حيث كان متقوِّماً، بخلاف ما يخلق منه الولد؛ فإنَّه لا قيمة له؛ فلذلك لم يجب لأحد الأبوين شيء.

وهذا مطَّرد في جميع المتولِّدات بين شيئين؛ في الحيوان والنَّبات والمعدن؛ حتَّى لو ألقى رجل في أرض رجل شيئاً ممَّا يُنبت المعادن؛ لكان الخارج منه لربِّ الأرض كالنِّتاج والزَّرع.

وهذه الطَّريقة سلكها القاضي في «خلافه» وابن عقيل والشَّيخ تقي الدين (٢)، وهذا ملخَّصٌ من كلامه.

القسم الثَّاني: أن يؤذن له في زرع شيء، فيزرع (٣) ما ضرره أعظم منه؛ كمن استأجر لزرع شعير فزرع ذرة أو دُخْناً؛ فحكمه حكم الغاصب عند الأصحاب؛ لتعدِّيه بزرعه، فإنَّه غير مستند إلى إذن.

والمنصوص عن أحمد في رواية عبد الله: أنَّ عليه ضمان أجرة


(١) في (ب) و (و): لاستبقائه.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٢٤).
(٣) في (ب): فزرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>