للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للضمان مع التَّعزير في إحدى الرِّوايتين.

ونقل محمَّد بن الحكم عن أحمد في هذه المسألة أنَّه ذُكر له قول مالك: لا يغرم الَّذي لبسه، ويغرم الغسَّال لصاحب الثَّوب، فقال: لا يعجبني ما قال، ولكن إذا هو لم يعلم، فلبسه؛ فإنَّ عليه ما نقص، ليس على القصَّار شيء (١).

فأوجب هنا الضَّمان على اللَّابس لاستيفائه المنفعة، دون الدَّافع؛ لأنَّه لم يتعمَّد الجناية، فكان إحالةُ الضَّمان على المستوفي للنَّفع أولى.

وهذه الرِّواية توافق ما قبلها في تقرير الضَّمان على المنتفع، لا سيَّما والدَّافع هنا معذور، وإنَّما ضمن القصَّار القطع؛ لأنَّه تلف لم يحدث من انتفاع القابض؛ فكان ضمانه على الدَّافع لتسبُّبه إليه، فالرِّوايتان إذن متَّفقتان.

ومن الأصحاب من جعلهما مختلفتين: في أنَّ الضَّمان هل هو على القصَّار، أو على المدفوع إليه؟

ثمَّ منهم من حمل رواية ضمان القصَّار على أنَّه كان أجيراً مشتركاً، فيضمن جناية يده، ورواية عدم ضمانه على أنَّه كان أجيراً خاصًّا؛ فلا يضمن جنايته ما لم يتعمدها، وأشار القاضي في «المجرَّد» إلى ذلك.

ومنها: لو دفع الملتقط اللُّقَطَة إلى واصفها، ثمَّ أقام غيرُه البيِّنة أنها له، فإن كان الدَّفع بحكم حاكم؛ فلا ضمان على الدَّافع، وإن كان بدونه؛ فوجهان:


(١) نقلها ابن أبي يعلى في التمام ٢/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>