وممَّا يدخل فيه أيضًا: قوله تعالى: {والَّذين يظاهرون من نسائهم ثمَّ يعودون لما قالوا فتحرير رقبة. . .} الآية؛ هل اقتضت مقابلة مجموع المظاهرين بمجموع نسائهم، وتوزيع كلِّ مظاهر على زوجته، أو مقابلة كلِّ فرد من المظاهرين بمجموع نسائه المظاهر منهنَّ؟
قرَّر أبو الخطَّاب وغيره من أصحابنا الثَّاني، واستدلَّ به على أنَّ المظاهَرة من جميع الزَّوجات بكلمة واحدة لا توجب سوى كفَّارة واحدة.
وكذلك قال في قوله تعالى:{حرِّمت عليكم أمَّهاتكم وبناتكم وأخواتكم. . .} إلى آخرها: إنَّ المراد: حرمت على كلِّ واحد بناته، وأخواته، وعمَّاته، وخالاته، فأمَّا الأمَّهات فجعلها من مقابلة الأفراد بالأفراد، قال: لأنَّه لمَّا لم يتصوَّر أن يكون للواحد أُمَّان؛ علم أنَّه أراد الواحد في مقابلة الواحد، وأمَّا ما احتمل الجمع في مقابلة الواحد؛ فإنَّه يحمل عليه.
والأظهر - والله أعلم -: أنَّ الكلَّ ممَّا قوبل فيه الواحد بالواحد، والجملة بالجملة، وأنَّ المعنى: حرِّمت على كلِّ واحد أمُّه وبنته وأخته؛ إذ لو أريد مقابلة الواحد بالجمع؛ لحرم على كلِّ واحد أمَّهات الجميع وبناتهم، وهو باطل قطعاً.