وأما من الوقف فجعلوه إعانة وأما عادة الأكابر بمصر ونحوها بإجارة إمام في بيوتهم فالظاهر أنه لا بأس به؛ لأنه في نظير التزام الذهاب للبيت (كلام عليه) تشبيه في الكراهة للشغل (كملب وردا بعد الفراغ)، ولابد من إسماع المسلم إن حضر، وبحث شيخنا بأن الرد واجب وهو مقدم على غيره من أذان وتلبية
ــ
الفريضة لأنه يلزمه أن يصليها لنفسه، وحكي هذه الرواية القاضي أبو بكر؛ لأنه لم يأخذ الإجارة على الصلاة وإنما أخذها على أن يصلي بهم في مسجدهم، وهذا إذا لم يستأجروه بزكاة الفطر، وإلا حرم ولا يجزيهم ما أعطوه فتكون زكاة الفطر في ذمتهم أهـ. (مديوني)(قوله: وأما من الوقف الخ)؛ أي: على الإمام وكذا من غلة وقف المسجد، وقد سئل ابن الحاج في مدينة قرطبة - أعادها الله للإسلام - عمن كانت عادتهم أن يأخذ إمامهم شيئًا من أحباس المسجد في أجرته هل يجوز أم لا؟ فأجاب - رضي الله عنه - بما نصه إذا لم يكن في الموضع من ينظر في أمور الأئمة من إعطاء أجرته من بيت المال، فللجماعة أن يقيموا إمامًا يرضون به، وله أن يأخذ أجرة مثله من الأئمة من غلة أحباس المسجد مما يجعل في رمه ومؤنته وتحصيل المسجد، فما أخذه الإمام على هذا الوجه فلا سبيل لأحد فيه، وما زاد على ذلك أخذ منه في إصلاح المسجد. أهـ.
وهذا إذا كان بيت مال وكان يتوصل للأخذ منه، أو كانت للمسجد أحباس، وأما إن لم يكن كزماننا، وقد قال مالك في زمانه: ليس هو بيت مال وإنما هو بيت ظلم، فعليهم أن يتخذوا إمامًا يعطونه أجرة من عندهم، ويلزم كل من كان ساكنًا بالموضع سواء كان يصلي، أو لا وتؤخذ منه كرهًا، وكذلك يلزم من كان خارجًا عن الموضع وكان له ريع به أهـ (مديوني)(قوله: وردًا بعد الفراغ)؛ أي: لا في الأثناء،
ــ
فيه شيخنا بأن الصلاة هي المقصود أقول: لاحظ (عب) شدة العمل واستحقاق الأجرة، وفي (البدر) الإشارة لذلك، والخلاف في إسقاط حظ الصلاة من الأجر أن قصر فيها، والخلاف في الاستنابة، وأنه إن استناب لغير عذر فلا أجرة لواحد منهما؛ أي: لأن الأول لم يعمل والثاني لم يقرر (قوله: فجعلوه إعانة) أشار بالتبري إلى أنه خلاف حالهم الآن من ترك العمل إذا لم يعطوا، وأما عدم صيغة الإجارة فعندنا يقوم