وأنت خبير بأنه إنما قدم تمام السابق على تعجيل الواجب مع ضعفه بكراهة السلام ابتداء فلا يبعد تقييد الوجوب، فتدبر (ومجامع، وقاضي حاجة ولا يردان)، ولو بعد الفراغ فالكراهة فيهما أشد؛ لأنهما في حالة تخفي وتنافي الذكر، (وسن) السلام (على غيرهم) إلا أهل البدع فيهجرون وإن مصليًا ورد بالإشارة والآكل كغيره
ــ
والفرق بينها وبين الصلاة أن الصلاة وقعها في النفوس أعظم فلا يتطرق لها الكلام بخلاف الأذان والتلبية (قوله: وأنت خبير بأنه إنما قدم الخ)؛ أي: أنه إنما قدم سنة سبق الاشتغال بها على مجرد تعجيل الواجب لا على نفس الواجب فقوله السابق إشارة إلى نكتة التقديم (قوله: فلا يبعد تقييد الوجوب)؛ أي: وجوب الرد بأن يقال: محله إذا لم يكن مشغولًا بغيره، أو لم يكن السلام مكروهًا (قوله: إلا أهل البدع) من الخوارج وأهل المعاصي (قوله: ورد بالإشارة)، وإنما لم يرد المؤذن بها؛ لأن الإشارة إنما شرعت بدلًا عن الكلام وإنما يعدل للبدل عند عدم القدرة على المبدل منه، كما في حق المصلي، والمؤذن متمكن من الأصل إذ لو ردته لم يبطل أذانه فلم تشرع الإشارة في حقه.
وقال ابن يونس: الفرق أن الأصل في جميعهم ألا يسلم عليهم ولا يردون، لكن مضت السنة بجواز الرد بالإشارة في حق المصلى وبقي غيره على الأصل، وأيضًا فلما كان الكلام في الأذان مكروهًا وكان رد السلام واجبًا، لم يجز له أن يرد إلا كلامًا فصار المسلم عليه قد أدخله في الكراهة بسلامه فإذا عصى وسلم عليه عوقب بألا يرد عليه؛ لاستعجاله عليه قبل وقته انتهى (تلمساني)(قوله: والآكل كغيره عندنا)؛ أي: لا يكره وفي (البناني) تقوية ما لـ (ح) من كراهته على الآكل والقارئ فانظره. انتهى مؤلف، وأقول: قد ذكر (ح) القولين، وقدم ما ذكره المصنف، وذكر عن ابن ناجي في شرح الرسالة أنه قال: لا أعرف القول بعدم السلام عليه
ــ
مقام الصيغة غيرها كالمعاطة (قوله: تمام السابق) ذكر وصف السبق إشارة لوجه تقديم تمامه على تعجيل الواجب، وهذا على تسليم أن الوجوب يتعلق به قبل التمام، وأما الجواب الذي بعده فتقييد الوجوب بالفراغ مما هو فيه (قوله: والآكل كغيره) تبعت الجماعة، وفي (بن) تقوية ما في (ح) من كراهة السلام على الآكل