ترب مصر كالملك فيجوز إعداده، والمقريزى فى (الخطط) جعل قبة (الشافعي) فى تراب القرافة، فهى كغيرها، نعم فى أواخر الباب الثالث عشر من (متن (الشعراني)) أن (السيوطي) أفتى بعدم هدم مشاهد الصالحين بالقرافة قياسًا على أمره - صلى الله عليه وسلم - بسد كل خوخة فى المسجد إلا خوخة أبى بكر، وهو فسحة فى الجملة لكن سياقه بعد الوقوع، والنزول (كمباهى به، وساتر لأهل الفساد، وكغسل شهيد الحرب)، والنهى
ــ
الرسالة؛ لأن فى ذلك تضيقًا على الناس، قال الشافعي: وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما بنى بها، ولم أر الفقهاء يغيرون عليه، وقد أفتى من تقدم من جملة العلماء على ما أخبرنى به من أثق به بهدم ما بنى بقرافة مصر، وإلزام البانين فيها حمل النقض، وإخراجه عنها إلى موضع غيرها، وقد كان هذا قبل أن يتغالوا فيها بالبناء، والتفنن فيه، ونبش القبور لذلك، وتصويب المراحيض على أموات المسلمين من الأشراف، والعلماء، والصالحين، وغيرهم، فكيف فى هذا الزمان، وقد تضاعف ذلك جدًا حتى كأنهم لم يجدوا من البناء فيها بدًا وجاء فى ذلك أشياء إذا فتحت على ولى - الأمر أرشده - الله لأمر بهدمها، وتخريبها حتى يعود طولها عرضًا وسماؤها أرضًا، ولو لم يكن فى البناء فيها مفسدة إلا الضيق على الناس لكان كافيًا فى وجوب الهدم، فكيف وقد انضاف لذلك هتك الحريم، واختلاط البرئ بالسقيم، فإنهم استباحوا التكشف فيها، واتخذوه ديدنًا لا يستحون من الله تعالى، ولا من الناس، وخالفوا فى ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وربما أضافوا لذلك آلات الباطل من الدفوف، والجنوك، والشبابات، واقتحموا فى ليالى الجمع وغيرها تعاطى هذه المحرمات واستهانوا بحرمة القبور وارتكبوا بين ظهرانيها الفجور، وربما أكلوا الحشيش، وشربوا الخمور، وهذا مع أنها مواطن الاعتبار وتذكر الموت وخوف عقوبة الجبار، فناهيك بها معصية ما أفظعها وشناعة ما أشنعها! ! ولم أسمع بذلك فى بلد من بلاد المسلمين ولا غيرهم. انتهى (قوله: لكن سياقه بعد الوقوع إلخ)؛ أي: سياق كلام الشعراني، فلا يلزم من الاغتفار بعد الوقوع جواز القدوم على ذلك ابتداء (قوله: كمباهى به) تشبيه فى الحرمة (قوله: شهيد الحرب)؛ أي: دون غيره من الشهداء، وإنما غسل - عليه الصلاة والسلام - مع أنه أفضل؛ لأنه ليس به ما نهى عن إزالته من الدم الذى هو عنوان الشهادة، والكامل يقبل زيادة الكمال على أن