للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الشاذلى على الرسالة) قال (ابن عبد السلام): عندى أن مال العبد يزكيه السيد أو العبد؛ لأنه مملوك لأحدهما قطعًا، فكأنه جعله من فروض الكفاية إن قلت قوله تعالى: {ضرب الله مثلًا عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيء} يقتضى أن العبد لا ملك له كما يقول غيرنا فكيف نقول إنه يملك لكن ملكًا غير تام؟ فالجواب أنَّ الصفة مخصصة على الأصل لا كاشفة، وهو معنى ما قيل لا يلزم من ضرب المثل بعبد لا يملك أنَّ كل عبد لا يملك (والحول)، وإنَّما يتم بمجئ الساعي، وما يأتى من إخراجها قبله رخصة، أو أنَّ ما قارب الشيء له حكمه (وإن غير سائمة)، والقيد فى حديث: "فى سائمة الغنم الزكاة" خرج مخرج الغالب؛ فلا مفهوم له؛ نظير {وربائبكم اللاتى فى حجوركم}،

ــ

يعد مالكًا، فإن من ملك أن يملك أربعين شاة لا يعد مالكًا قبل شرائها حتى تجب عليه الزكاة (قوله: مخصصة)؛ أي: مخصصة للعبد الذى ضرب به المثل أنه لا يملك (قوله: والحول) سمى حولًا لتحول الأمور فيه (قوله: من إخراجها قبله)؛ أي: فى العين، والماشية إذا لم يكن هناك ساع (قوله: وإن غير سائمة)؛ أي: وإن كان المزكى المفهوم من السياق غير سائمة بل معلوفة، وعاملة (قوله: خرج مخرج الغالب)، فإنه الغالب فى مواشى العرب، والقيد إذا كان لا مفهوم له، فلا يخصص

ــ

لا ملك لهم (قوله: من فروض الكفاية)؛ أي: بالنسبة للسيد وعبده، وعلى المشهور يمكن أن يهب لعبده ماله، ولو لم يعينه له؛ لاغتفار الجهل فى التبرع، ثم كلما أنفق شيئًا نوى انتزاعه فلا زكاة.

واعلم أن الحيل الشرعية ورد الإذن فيها فى الجملة؛ كما فى حديث بيع الصاعين من ردئ تمر خيبر بدارهم؛ ثم يشترى بها صاعًا جيدًا، وظاهره: لو من شخص واحد، لكن مذهبنا عدم الاسترسال فى القياس فى الحيل؛ لأنها خرجت مخرج الرخص التى يقصتر فيها على ما ورد، وها هو تحيل أهل السبت وغيرهم أداهم للهلاك، فسدَّت ذرائع الفساد فيما كثر قصده وقويت التهمة فيه. (فائدة) ذكر شيخنا السيد لا زكاة على الأنبياء، لأنَّهم لا ملك لهم مع الله، أقول: قريب منه فى المعنى أنهم لا يورثون، ثم هو ذوق خاص بهم، وإلا فكل أحد لا ملك له مع الله - عز وجل - (قوله: أو إن ما قارب) المقابلة باعتبار تغاير النظرين فى المفهوم، وإن لم يخرج هذا عن الرخصة، فالمراد له حكمه فى الجملة من الإجزاء لا الوجوب (قوله: فلا مفهوم له)؛

<<  <  ج: ص:  >  >>