للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أنهم كانوا إذا هموا بجمعها رأوا أنه لن يكون كما قال عمر في جمع القرآن: «هو والله خير» أي خير محض لا يترتَّب عليه محذور. كانوا يرون أنه يصعب جمعها كلها، وإذا جمعوا ما أمكنهم خشوا أن يكون ذلك سببًا لردِّ مَنْ بعدهم ما فاتهم منها وقد مرَّ (ص ٢٤) (١) عن أبي بكر في سبب تحريقه ما كان جَمَعه منها «أو يكون قد بقي حديث لم أجده فيقال: لو كان قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما خفي على أبي بكر». وخشوا أيضًا مِنْ جمعها في الكتب قبل استحكام أمر القرآن أن يُقْبِلَ الناس على تلك الكتب ويَدَعوا القرآن لِمَا مرَّ (ص ٢٥) (٢) عن عُمَر و (ص ٢٧) (٣) عن أبي موسى، فلذلك رأوا أن يكتفوا بنشرها بطريق الرواية ويَكِلُوها إلى حفظ الله تعالى الذي يؤمنون به.

ثم ذكر ص ٢٦ أشياء قد تقدم الجواب عنها، ثم قال: (وكون التابعين لم يدوّنوا الحديث إلا بأمر الأمراء).

أقول: وجمع القرآن إنما كان بأمر الأمراء: أبي بكر وعمر وعثمان. فإن قيل: هم أمراء المؤمنين وأئمة في العلم وأئمة في التقوى، قلنا: فعمر بن عبد العزيز كذلك في هذا كله، وهو الآمر بالتدوين، وتبعه الخلفاء بعده.

قال: (يؤيد ما ورد مِنْ أنهم كانوا [قبل ذلك] يكتبون الشيء لأجل حفظه ثم يمحونه).

أقول: هذه حال بعضهم، وقد تقدم (ص ٢٧ ــ ٢٨) (٤) أن جماعةً كانوا


(١) (ص ٤٨).
(٢) (ص ٤٩ ــ ٥٠).
(٣) (ص ٥٢ ــ ٥٣).
(٤) (ص ٥٢ ــ ٥٥).