للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن يثبت الحديث ويترك قبله بياضًا للترجمة؛ لأنه يُعنى جدًّا بالتراجم ويضمِّنها اختياره، وينبِّه فيها على معنى خفيّ في الحديث أو حَمْله على معنى خاص أو نحو ذلك. فإذا كان متردِّدًا تَرَك بياضًا ليتمَّه حين يستقرَّ رأيه. وليس في شيء من ذلك ما يوهم احتمال خلل في ما أثبته. فأما التقديم والتأخير فالاستقراء يبيّن أنه لم يقع إلا في الأبواب والتراجم، يتقدّم أحدُ البابين في نسخة ويتأخّر في أخرى، وتقع الترجمة قبل هذا الحديث في نسخة وتتأخر عنه في أخرى، فيلتحق بالترجمة السابقة. ولم يقع من ذلك ما يمسّ سياق الأحاديث بضرر. وفي «مقدمة الفتح» (١) بعد العبارة السابقة: «قلت: وهذه قاعدة حسنة يُفْزَعُ إليها حيث يتعسَّر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضع قليلة جدًّا».

ثم قال أبو ر ية ص ٢٧٥: (وقد انتقده الحفّاظ في عشرة ومائة حديث، منها ٣٢ حديثًا وافقه مسلم على إخراجها).

أقول: قد ساقها الحافظ ابن حجر في «مقدمة الفتح» (٢) وبيَّن حالها، ومن تدبَّر ذلك علم أن الأمر فيها هيِّن [ص ١٨٨] ليس فيه ما يحطّ مِن قَدْر البخاريِّ وصحيحه.

قال: (وكذلك ضعَّف الحفَّاظُ من رجال البخاري نحو ثمانين رجلًا ... ).

أقول: سيأتي النظر في هذا قريبًا (٣).

قال: (وقال السيد محمد رشيد رضا بعد أن عرض للأحاديث المنتقدة على


(١) (ص ٨).
(٢) (ص ٣٤٦ ــ ٣٨٣).
(٣) (ص ٣٥٦ ــ ٣٥٨).