للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيم بن أحمد المستملي قال: انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفِرَبْري، فرأيت فيه أشياء لم تتم، وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئًا، ومنها أحاديث لم يترجم لها. فأضفنا بعض ذلك إلى بعض. قال أبو الوليد الباجي: ومما يدل على صحة هذا القول: أن رواية أبي إسحاق المستملي ورواية ... مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم انتسخوا من أصل واحد، وإنما ذلك بحسب ما قدَّر كلُّ واحد منهم فيما كان في طُرَّة (١) أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه (٢) إليه. ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينها أحاديث).

أقول: قول أبي ريَّة (قبل أن يبيض) يوهم احتمال أن يكون في النسخة مالم يكن البخاريُّ مطمئنًّا إليه على عادة المصنِّفين، يستعجلُ أحدُهم في التسويد على أن يعود فينقِّح. وهذا باطل هنا، فإنَّ البخاريَّ حدَّث بتلك النسخة، وسمع الناسُ منه منها، وأخذوا لأنفسهم نُسَخًا في حياته، فثبت بذلك أنه مطمئنّ إلى جميع ما أثبته فيها، لكن ترك مواضع بياضًا رجاء أن يُضيفها فيما بعد فلم يتفق ذلك. وهي ثلاثة أنواع:

الأول: أن يثبت الترجمة وحديثًا أو أكثر، ثم يترك بياضًا لحديث كان يفكِّر في زيادته، وأَخَّر ذلك لسببٍ ما، ككونه كان يحبّ إثباته كما هو في أصله ولم يتيسر له الظَّفَر به حينئذ.

الثاني: أن يكون في ذهنه حديث يرى إفراده بترجمة، فيثبت الترجمةَ ويؤخر إثبات الحديث لنحو ما مرَّ.


(١) (ط): «طرق» خطأ.
(٢) (ط): «أضافه» والمثبت من «هُدَى الساري» وكتاب أبي ريَّة.