للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ حال راوٍ إلا أن يحيى تركه وأن عبد الرحمن كان يُحدِّث عنه، فمقتضى ذلك أنه صدوق يهم ويخطئ، فلا يسقط ولا يحتجّ بما ينفرد به.

قال: (إن ما كان قطعيّ الدلالة في النصوص فهو الشرع العام الذي يجب على جميع المسلمين اتباعه عملًا وقضاء، وإن ما كان ظنّي الدلالة موكول إلى اجتهاد الأفراد في التعبّدات والمحرمات، وإلى أُولي الأمر في الأحكام القضائية. إن ما كانت دلالته على التحريم من النصوص ظنية غير قطعية لا يُجْعَل تشريعًا عامًّا تُطالب به كلّ الأمة، وإنما يعمل فيه كلّ أحد باجتهاده، فمن فهم منه الدلالة على تحريم شيء امتنع منه، ومن لم يفهم منه ذلك جرى فيه على أصل الإباحة).

أقول: قد تقدم النظر في نظرية «دين عام ودين خاص» (ص ٩ و ١٤ - ١٥ و ٢٨ - ٣٤ و ١٠٠) (١) وقريبًا (ص ٢٢٠ - ٢٢١) (٢)، وكذلك حال الاجتهاد والمجتهد.

هذا، والأدلة القطعية تبيِّن أن الواجب على كلِّ مسلم طاعة الله ورسوله ما استطاع، فيما ثبت بدليل قطعيّ المتن والدلالة أو ظَنِّيِّهما، أو قطعيّ أحدهما ظنّي الآخر، وأنّ على [ص ٢٢٣] العاميّ العملَ بما يعلمه من الشريعة قطعًا أو ظنًّا، والرجوعَ فيما يجهله إلى العلماء الموثوق بعلمهم ودينهم، فإذا أفتاه أحدُهم بأمر لزمه العمل به سواء أكان قطعيًّا أو ظنيًّا، فإن اختلف عالمان فقد قال الله تبارك وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] فعلى العامّي أن يتحرَّى أقرب الأمرين إلى طاعة الله وطاعة رسوله، وإذا علم الله تعالى حرصه على طاعته سبحانه فلا بد أن يُهيّئ له مِنْ أمره رَشَدًا.


(١) (ص ٢٠ و ٢٩ ــ ٣٢ و ٥٥ ــ ٦٧ و ١٩٤).
(٢) (ص ٤١٥ ــ ٤١٨).