للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: «عن الأُوَل» (١) لغرضين:

الأول: تقوية [ص ١١٠] دعواه أن عمر كان ينهى عن الحديث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

الثاني: ترويج دعوى مَهُولة فاجرة خبيثة، وهي دعوى أنّ كعبًا مع أنه لم يلق النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يحدّث عنه بما يشاء، وكان الصحابة يسمعون منه تلك الأحاديث ويقبلونها بسذاجة مُخْجلة، ثم لا يكتفون بذلك حتى يذهبوا فيروونها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأسًا، فيوهموا الناسَ أنهم سمعوها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أو على الأقل من بعض إخوانهم من الصحابة.

ولزيادة تفظيع هذا الزعم بالغَ في الحطِّ على كعب وزعم أنه كان منافقًا يسعى لهدم الإسلام ويفتري ما شاء من الأكاذيب؛ يرويها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيتقبَّلها الصحابةُ ويروونها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأسًا، فعلى هذا يزعم أنّ كل ما جاء من أحاديث الصحابة ولم يصرِّح الصحابيُّ بسماعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يحتمل أن يكون مما افتراه كعب {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: ٥] وراجع (ص ٧٣) (٢).

وهذه الخطة الجهنمية من أخطر خِطط الكيد اليهوديّ الخاسر الذي مرت الإشارة إليه (ص ٤٩ و ٩٩) (٣).


(١) وسبق التنبيه على صنيعه هذا (ص ١٤٧). على أن قوله: «عن الأُوَل» ليست في بعض نسخ «البداية» ولا في «تاريخ أبي زرعة». وإن كان ثابتًا في نسخة أبي ريَّة من «البداية» فإسقاطه لها ثابت.
(٢) و ٧٤ و ٧٥ و ٨٢ و ٨٩. [المؤلف]. (ص ١٤٥ ــ ١٤٦).
(٣) (ص ٩٤ و ١٩٢).