للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذَكَر قولَ ميمونة لامرأة نذرت أن تصلي في بيت المقدس: اجلسي وصلي في مسجد رسول الله، فإني سمعت رسول الله يقول: «صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة» (١).

قال أبو ريَّة: (ولو أن المسجد الأقصى كان قد ورد فيه تلك الأحاديث لما منعت ميمونة هذه المرأة من أن توفي نذرها).

[ص ٩٢] أقول: رأت ميمونةُ أنَّ الصلاة في مسجد المدينة أفضل، فلم تر فائدة لسفر وعناء لأجل صلاة يمكن أداء أفضل منها بدونهما. وهذا لا ينفي أن يكون للمسجد الأقصى فضل في الجملة كما هو ثابت، وأن يكون للصلاة فيه فضل دون فضل الصلاة في مسجد المدينة. وهذا واضح.

قال ص ١٣٠: (اليد اليهودية في تفضيل الشام: ... إن الشام ما كان لينال من الإشادة بذكره والثناء عليه إلا لقيام دولة بني أمية فيه ... فكان جديرًا بكهنة اليهود أن ينتهزوا هذه الفرصة ... وكان من هذه الأكاذيب أن بالغوا في مدح الشام ... ).

أقول: أما فضل الشام فقد ثبت بكتاب الله عز وجل كما مرَّ (ص ٦٥) (٢)، والعقل يتقبَّل ذلك لأنها كانت منشأ غالب الأنبياء والمرسلين، كما يتقبل أن ينوِّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفضلها تبيانًا للواقع وترغيبًا للمسلمين في فتحها والرباط فيها. أما الأخبار الكثيرة الواهية في فضل الشام وبيت المقدس والصخرة فالنّظَرُ في أسانيدها يبيّن أنها إنما اختُلِقت بعد كعب بزمان لأغراض أخرى غير اليهودية.


(١) أخرجه مسلم (١٣٩٦).
(٢) (ص ١٢٧).