للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ظنه، وإن اتفق له أن ينكح أخته وهو لا يدري، وأن يقتل مسلمًا يحسبه كافرًا، وأن يأكل لحمًا يظنه حلالًا فبان لحم خنزير ميت وغير ذلك.

إنما المحذور أن تدع الدليلَ الشرعيَّ عمدًا اتباعًا منك لقول عالم قد يجهل ويذهل ويغفل ويغلط ويزل. وأشدُّ من ذلك وأضرّ وأدهى وأمرّ ما يقول صاحب تلك النظرية: إن الدليل الشرعي إذا وُجِد قولٌ لعالم يخالفه ينزل بذلك عن الدين العام اللازم إلى الدين الخاص الاختياري، من شاء أخذ ومن شاء ترك. [ص ٣٤] ومن خالف كلَّ دليلٍ من هذا القبيل مع علمه بها وعَقْله لها، واقتصر على ما لم يخالفه أحد «كان مسلمًا ناجيًا في الآخرة مقرّبًا عند الله تعالى» كما تقدم عنه (ص ١٦) (١)، فهذا هو المحذور عند من يعقل.

قال: (وبهذا يسقط قول من قال: إن الصحابة كانوا يكتفون في نشر الحديث بالرواية).

أقول: قد عرفت الحقيقة ولله الحمد، وعرفت ما هو الساقط.

قال: (وإذا أضفتَ إلى ذلك حكم عمر بن الخطاب على أعيان (٢) الصحابة بما يخالف بعض تلك الأحاديث).

أقول: كان عليه أن يبينها، فإن كان يريد مطاعن الرافضة في أمير المؤمنين عمر فجوابها في «منهاج السُنَّة» وغيره، ويكفينا هنا أن نسأله: هل عَلِمْتَ عُمَرَ ثبت عنده حديث فتركه لغير حُجَّة قائلًا: لا يلزمنا الأخذ بالأحاديث؟


(١) (ص ٣٣ ــ ٣٤).
(٢) (ط) وكتاب أبي ريَّة: «أعين» والصواب ما أثبت.