للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما ننظر في شواهده:

[ص ٢٠٠] ذكر قصة بُشَير (بالتصغير) بن كعب العدوي مع ابن عباس في مقدمة «صحيح مسلم» (١) وجعلها قصّتين وإنما هما روايتان. وبُشَير هذا غير بَشِير (بفتح فكسر) بن كعب بن أبي الحميري العامري الذي شهد اليرموك، بل هذا أصغر منه بكثير، وأخطأ من عدَّهما واحدًا، راجع «الإصابة» (٢). وهذا عراقيّ بصريّ له قصة مع عِمْران بن حُصَين في الحياء تدلّ أنه كان يقرأ صحف أهل الكتاب (٣)، وقصته مع ابن عباس يظهر أنها كانت حوالي سنة ستين، فإن ابن عباس توفي سنة ٦٨ أو بعدها وعاش بُشير بعد ابن عباس زمانًا.

روى مسلمٌ القصةَ من طريق طاووس ومجاهد، وحاصلها: أن بُشَيرًا جاء إلى ابن عباس فجعل يحدّث (زاد مجاهد: ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال طاووس: فقال له ابنُ عباس: عُدْ لحديث كذا وكذا، فعاد له. ثم حدَّثه فقال له: عُد لحديث كذا وكذا، فعاد له، فقال له: ما أدري أعرفتَ حديثي كلّه وأنكرتَ هذا، أم أنكرتَ حديثي كلَّه وعرفتَ هذا؟ فقال ابن عباس: إنَّا كُنَّا نُحدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يكن يُكذَب عليه، فلمَّا رَكِبَ الناسُ الصعبَ والذّلول تركنا الحديث عنه. (وفي رواية عن طاووس هي أثبت من الأولى، قال: إنما كنا نحفظ الحديث والحديث يُحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأما إذ ركبتم كلَّ صعبٍ وذلول فهيهات). ولفظ مجاهد: فجعل ابن عباس لا يأذَنُ لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس مالي لا


(١) (١/ ١٢ ــ ١٣).
(٢) (١/ ٣٤٥).
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (٨٨)، والبيهقي في «الآداب» (١٤٦).