للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وسعيد لم يدرك عمر ولا السائب. هذا ومخرج الخبر شامي، [ص ١١١] ومن الممتنع أن يكون عمر نهى أبا هريرة عن الحديث البتة ولا يشتهر ذلك في المدينة، ولا يلتفت إلى ذلك الصحابة الذين أثنوا على أبي هريرة ورووا عنه، وهم كثير كما يأتي، منهم ابن عمر وغيره كما مرَّ (ص ١٠٦) (١)، هذا باطل قطعًا، على أن أبا ريَّة يعترف أنّ كعبًا لم يزل يحدِّث عن الأُوَل حياةَ عمر كلها، وكيف يُعقل أن يرخِّص له عمر ويمنع أبا هريرة؟ هذا باطل حتمًا، وأبو هريرة كان مهاجرًا من بلاد دوس، والمهاجر يحرُم عليه أن يرجع إلى بلده فيقيم بها، فكيف يهدّد عمر مهاجرًا أن يردّه إلى بلده التي هاجر منها؟ وقد بعث عمر في أواخر إمارته أبا هريرة إلى البحرين على القضاء والصلاة كما في «فتوح البلدان» للبلاذري (ص ٩٢ - ٩٣) (٢). وبطبيعة الحال كان يعلّمهم ويفتيهم ويحدّثهم.

قال أبو ريَّة ص ١٦٣: (ومن أجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر وذهاب الدِّرة، إذ أصبح لا يخشى أحدًا بعده).

أقول: لم يمت الحقُّ بموت عمر، وسيأتي تمام هذا.

قال: (ومن قوله في ذلك: إني أحدثكم أحاديث لو حدثت بها زمن عمر لضربني بالدرة، وفي رواية: لشج رأسي).

أقول: يُروى هذا عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن أبي هريرة، وابن عجلان لم يدرك أبا هريرة. فالخبر منقطع غير صحيح.


(١) (ص ٢٠٤ ــ ٢٠٥).
(٢) (ص ١١٢ ــ مؤسسة المعارف).