للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«الصحيحين» (١). وكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفْهَم. كما في «صحيح البخاري» (٢) عن أنس.

ويقال لأبي رية: أمفهومةٌ كانت [ص ٤٤] تلك المقاصد الكامنة وراء كلّ لفظة للصحابة، أم لا؟ إن كانت مفهومة لهم أمكنهم أن يؤدُّوها بغير تلك الألفاظ. وإلَّا فكيف يُخَاطَبون بما لا يفهمونه؟ فأما حديث «فُربَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع» (٣) فإنما يتفق في قليل كما تفيد كلمة «ربَّ»، وذلك كأن يكون الصحابي ممن قَرُبَ عهده بالإسلام ولم يكن عنده علم فيؤدّيه إلى عالم يفهمه على وجهه، والغالب أن الصحابة أفهم لكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ممَّن بَعْدَهم.

* * * *

تشديد الصحابة في قبول الأخبار

قال أبو ريَّة ص ٣٣: (كانوا يتشددون في قبول الأخبار من إخوانهم في الصحبة مهما بلغت درجاتهم، ويحتاطون في ذلك أشد الاحتياط، حتى كان أبو بكر لا يقبل من أحد حديثًا إلا بشهادة غيره على أنه سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

أقول: هذه دعوى لا تُقبل إلا بدليل، كأن يكون أبو بكر صرَّح بذلك، أو تكرَّر منه ردّ خبر الآحاد الذين لم يكن مع كلٍّ منهم آخر، وليس بِيَد أبي ريَّة شيء من هذا، إنما ذكر الواقعة الآتية وسيأتي النظر فيها.

قال: (روى ابن شهاب عن قَبيصة أن الجدة جاءت أبا بكر تلتمس أن تُورَّث فقال:


(١) البخاري (٣٥٦٧)، ومسلم (٢٤٩٣).
(٢) (٩٥).
(٣) أخرجه البخاري (٦٧، ١٧٤١)، ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.