للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١١٧] قال: (وروى مسلم بن الحجاج (١) عن بُسر بن سعيد قال: اتقوا الله وتحفَّظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحدّثنا عن كعب الأحبار، ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كعب، وحديث كعب عن رسول الله، وفي رواية: يجعل ما قاله كعب عن رسول الله، وما قاله رسول الله عن كعب، فاتقوا الله وتحفَّظوا في الحديث).

أقول: إنما يقع مثل هذا ممن يحضر المجلس من ضعفاء الضبط ومَن لا عناية له بالعلم، ومثل هؤلاء لا يوثِّقهم الأئمة ولا يحتجُّون بأخبارهم، ولابدّ أن يتنبَّهُوا لغلطهم. وعلى كلِّ حال فلا ذنب لأبي هريرة في هذا، ولم يزل أهلُ العلم يذكر أحدهم في مجلسه شيئًا من الحديث، ويذكر معه ــ مفصولًا عنه ــ ما هو من كلام بعض أهل العلم أو غيرهم وما هو من كلام نفسه، والحكاية نفسها تدلّ على أن أبا هريرة كان يبيّن، وإنما يقع الغلط لبعض الحاضرين.

قال: (وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلّس. أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله ولا يميز هذا من (٢) هذا. ذكره ابن عساكر).

أقول: هذه عبارة ابن كثير في «البداية» (٣)، ساق كلمة بُسْر المتقدّمة ووصلها بهذه الحكاية، وهي حكاية شاذة لا أدري كيف سندها إلى يزيد (٤)،


(١) في كتاب «التمييز» (ص ١٧٥).
(٢) (ط): «عن»، والتصحيح من كتاب أبي ريَّة، ومما سيعيده المؤلف قريبًا.
(٣) (١١/ ٣٧٧)، ومصدره ابن عساكر: (٦٧/ ٣٥٩).
(٤) ساق سندها ابن عدي في «الكامل»: (١/ ١٥١) ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخه»: (٦٧/ ٣٥٩): أخبرنا الحسن بن عثمان التستري، نا سلمة بن حبيب، قال: سمعت يزيد بن هارون به.

والحسن بن عثمان التستري من شيوخ ابن عدي قال فيه: «كان عندي يضع ويسرق حديث الناس». وقال عبدان الأهوازي: كذاب. انظر «الكامل»: (٢/ ٣٤٥). فالإسناد ساقط.