للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما رأوه محتملًا أخذوه على الاحتمال كما أمرهم نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. ذلك كان فنُّ كعب وحديثُه. ولم يرو عنه أحد من الصحابة إلا ما كان من هذا القبيل.

نعم ذكر أصحاب التراجم أنه أرسل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وروى عن عمر وصُهيب وعائشة. وعادتهم أن يذكروا مثل ذلك وإن كان خبرًا واحدًا في صحته عن كعب نظر [ص ٧٤] فهذه كتب الحديث والآثار موجودة لا تكاد تجد فيها خبرًا يُروى عن كعب عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنْ وُجِد فلن تجده إلا من رواية بعضِ صغار التابعين عن كعب، ولعله مع ذلك لا يصح عنه. وكذا روايته عن عمر. وكذا روايته عن صُهيب وعائشة مع أنه مات قبلهما بزمان. وعامة ما روي عنه حكايات عن أهل الكتاب ومِنْ قوله.

قال: (ومما أغراه بالرواية أن عمر بن الخطاب كان في أول أمره يستمع إليه، فتوسّع في الرواية الكاذبة ما شاء أن يتوسّع، قال ابن كثير: لما أسلم كعب في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه، فربما استمع له عمر، فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده من غثٍّ وسمين) (١).

أقول: الذي عنده هو الحكايات عن صحف أهل الكتاب وأشياء مِن


(١) عزاه أبو ريَّة إلى تفسير ابن كثير ٤: ١٧. ولم أجده هناك فلينظر. [المؤلف].
أقول: نظرت فوجدته فيه (٧/ ٢٩٨٧ ــ دار ابن حزم) في تفسير سورة الصافات. ووجدت أبا ريَّة قد أسقط ما يخدم غرضه وهو قوله: «فجعل يحدث عمر رضي الله عنه [عن كتبه]» فأسقط أبو ريَّة ما بين المعكوفين؛ ليوهم القرّاء أن كعبًا كان يحدّث عمر بأحاديث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما سمّاه «الرواية الكاذبة» وتفطن له المؤلف. وانظر الصفحة الآتية في صنيعٍ له مثل هذا!
ثم تصرف في آخر كلام ابن كثير فنصّه: «ونقلوا عنه غثها وسمينها» أي: غثّ تلك الكتب وسمينها. وليس كما يوهمه تصرف أبي ريَّة.