للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «أخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام ــ وهو أحد أحبار اليهود الذين أسلموا ــ إنه مكتوب في التوراة في السطر الأول: محمد رسول الله عبده المختار، مولده مكة ومهاجره طيبة. وأخرج كذلك: مكتوب في التوراة صفة النبي، وعيسى ابن مريم يدفن معه».

أقول: لم أجد الخبر الأول في «جامع الترمذي» (١)، ولا ذكره صاحب «ذخائر المواريث»، وسيأتي ما يتعلق به. وأما الثاني؛ ففي سنده عثمان بن الضحَّاك مجهول، ومحمد بن يوسف بن عبد الله، ولم يوثَّقا توثيقًا يُعتدُّ به، وقد ذكر البخاري في ترجمة محمد من «التاريخ» (١/ ١/٢٦٣) (٢) طرفًا من هذا الخبر وقال: «هذا لا يصح عندي، ولا يتابع عليه».

قال أبوريَّة: (وهذا ... قد أحكمه الداهية كعب، فقد روى الدارمي عنه في صفة النبيّ في التوارة قال: في السطر الأول: محمد رسول الله عبده المختار، مولده مكة ومهاجره طيبة وملكه بالشام. [ص ٧١] وقد بحثنا عن السطر الثاني من هذه الأسطورة حتى وجدناه في «سنن الدارمي» كذلك عن الداهية الأكبر كعب، فقد روى ذكوان عنه قال: في السطر الأول محمد رسول الله عبده المختار ... ، وهذا الكلام قد أورده ابن سعد في «طبقاته» عن ابن عباس في جواب لكعب. وقد امتدت هذه الخرافة إلى أحد


(١) هو كما ذكر المصنف، والخبر عند الدارمي (٧)، فالظاهر أنه تصحف على أبي رية «الدارمي» إلى «الترمذي» خاصة وأنه ينقل من «فتح الباري» وفيه «الدارمي». «الفتح»: (٨/ ٥٨٦ ــ السلفية).
وسيعزوه أبو رية إلى الدارمي بعد أسطر، وهذا من تخبطاته!
أقول: وفي سنده زيد بن عوف، متروك. انظر «التاريخ الكبير»: (٣/ ٤٠٤)، و «الجرح والتعديل»: (٣/ ٥٧٠). وأخرج الدارمي ما يشهد له برقم (٥، ٨).
(٢) في (ط): «١: ٢٦٣١» خطأ.