للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهوونه. وانظر «إظهار الحق» (١: ٢٤٢ - ٢٤٥) وفيه (١: ٢٢٧ - ٢٢٩) (١): أن لأهل الكتاب نحو عشرين كتابًا مفقودة، وبعضها منسوب إلى موسى فيكون من التوارة الحقيقية عندهم. وقد تكون ثَمَّ كتب أخرى مفقودة لم يعثر المتأخرون على أسمائها. وذَكَر من شيوع التحريف القصدي في اليهود والنصارى قديمًا وحديثًا ما يجاوز الوصف.

وحقّ على من يُبتلى بسماع شبهات دعاة النصرانية والإلحاد أن يقرأ ذاك الكتاب «إظهار الحق» ليتضح له غاية الوضوح أن الفساد لم يزل يَعْتري كتبَ أهل الكتاب جملةً وتفصيلًا، ومحقِّقوهم حيارى ليس بيدهم إلا التظنّي والتمنّي والتحسُّر والتأسُّف، ومن ثَمَّ يتبين السرّ الحقيقي لمحاولتهم الطعن في الأحايث النبوية؛ لأن دهاتهم حاولوا الطعن في القرآن، فتبين لهم أنه ما إلى ذلكم من سبيل، فأقبلوا على النظر في الأحاديث، فوجدوا أنه قد رُوي في جملة ما رُوي كثيرٌ من الموضوعات، وحيَّرهم المجهود العظيم الذي قام به علماء الأمة لاستخلاص الصحيح، ونفي الواهي والساقط والموضوع، حتى قال بعضهم: «ليفتخر المسلمون بعلم حديثهم ما شاؤوا» (٢). ولكنهم اغتنموا انصرافَ المسلمين عن علم الحديث، وجهلَ السواد الأعظم منهم بحقيقته فراحوا يشكّكون ويتهجّمون، ولا غرابة أن يوقعهم الحسدُ في هذا وأكثر منه، وإنما الغرابة في تقليد بعض المسلمين لهم.


(١) (٢/ ٥٨٢ ــ ٥٨٧، ط الإفتاء).
(٢) عزا المؤلف هذا القول إلى المستشرق مرجيلوث وأحال على «المقالات العلمية» (ص ٢٣٤، ٢٥٣). انظر تقدمته لكتاب «الجرح والتعديل» (ص/ب).