للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأدلة، فإن اشتبهت عليه أو تعارضت أخذ بأحسنها مع تَجُنِّب خَرْق الإجماع الصحيح.

والعامي يسأل العلماء ويأخذ بفتواهم، فإن اختلفوا عليه احتاط أو طلب ترجيحًا ما، وإذا علم اللهُ حُسْنَ نِيَّتِهِ فلابد أن ييسر له ذلك. فأما تقليد الأئمة فمهما قيل فيه فلا ريب أنه خير بكثير من تتبُّع الرخص. وراجع "الموافقات" (٤: ٧٢ ــ ٨٦) (١).

ثم قال أبو ريَّة ص ٢٠: (حكم كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأمور الدنيوية ... ).

إلى أن قال: (أما كلامه صلوات الله عليه في الأمور الدنيوية فإنه كما قالوا من الآراء المحضة، ويسمِّيه العلماء إرشادًا أي إنَّ أمره - صلى الله عليه وسلم - في أي شيء من أمور الدنيا يُسمَّى أمر إرشاد (٢) ... لأنه لا يقصد به القربة ولا فيه معنى التعبّد. ومن المعلوم أنه لا دليل على وجوب أو ندب إلا بدليل خاص).

أقول: ليس في هذا الكلام ما يصح أن يكون قاعدة ثابتة، فأمور الدنيا خاضعة لأحكام الشرع، وقد أمر الله تعالى بطاعة رسوله وحَذَّر من المخالفة عن أمره، فأَمْرُه - صلى الله عليه وسلم - بشيء دليلٌ قام على وجوبه، إلا أن يقوم دليل يصرف الأمرَ عن الوجوب إلى غيره. وتفصيل ذلك في كتب الفقه.

ثم قال: (لأن الرسل غير معصومين في غير التبليغ. قال السفَّاريني ... قال ابن حمدان ... "وإنهم معصومون فيما يُؤدُّونه عن الله تعالى، وليسوا بمعصومين في غير ذلك"، وقال ابن عقيل ... لم يعتصموا في الأفعال، بل في نفس الأداء، ولا يجوز عليهم الكذب في الأقوال فيما يؤدّونه عن الله تعالى ... وقال القاضي عياض: ... ).


(١) (٥/ ٩٧ ــ ١٠٣) دار ابن عفان.
(٢) كذا في (ط)، وفي كتاب أبي ريَّة: "ويسميه العلماء أمر إرشاد، أي ... يسمى إرشادًا .. ".