للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحوالهم وأخبارهم، واعتبروا مروياتهم كما تقدم في مواضع منها (ص ٥٥ و ٦٢) (١). فمن وثّقه المتثبِّتون منهم فمحاولة بعضِ العصريين اتهامه لأنه كان ــ مثلًا ــ يتشيّع أو يخالط بني أمية أو نحو ذلك لغوٌ لا يرتضيه العارف البتة. هذا حُكم يقبله علماء السنة لهم وعليهم، ألا ترى أن مسلمًا صحَّح حديث أبي معاوية عن الأعمش عن عديّ بن ثابت عن زِرٍّ قال: «قال عَلِيّ: والذي فَلَق الحَبّة وبرأ النَّسَمة إنه لَعَهد النبيّ الأميّ - صلى الله عليه وسلم - إليّ: أن لا يُحبَّني إلا مؤمن ولا يبغضَني إلامنافق» (٢). ولا أعلم أحدًا طعن فيه، مع أن عديَّ بن ثابت معروف بالتشيُّع بل وصفه بعضُهم بالغلوِّ فيه، وكان إمامَ مسجد الشيعة وقاصَّهم، والبخاريّ وإن لم يخرج هذا الحديث فقد احتجَّ بعدي بن ثابت في عدة أحاديث، ولو كان يتَّهمه بكذبٍ ما في الرواية لما احتجَّ به البتة (٣).

الأمر الثاني: ذَكَر من أسباب الكذب خطأً: أن يخطئ المخبر في معرفة حقيقة ما عاين أو سمع، وينقل الخبر بحسب ما اعتقد.

أقول: قد عرف المحدّثون هذا، ولذلك شرطوا في الراوي أن يكون ضابطًا متثبتًا عارفًا بمعاني الكلام إذا روى بالمعنى، ويختبرون حاله في ذلك باعتبار حديثه كما تقدم (ص ٥٥ و ٦٢) (٤) وغيرهما.

الأمر الثالث: ذَكَر من أسباب تلقّي الراوي الصدوق خبر الكاذب ونقله له: حُسْن الظن بالمخبر، وموافقة الخَبَر لرغبة الراوي وضعف تمحيصه.


(١) (ص ١٠٨ ــ ١٠٩ و ١٢١ ــ ١٢٢).
(٢) أخرجه مسلم (٧٨).
(٣) ترجمته في «تهذيب التهذيب»: (٧/ ١٦٥ ــ ١٦٦).
(٤) (ص ١٠٨ ــ ١٠٩ و ١٢١ ــ ١٢٢).