للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ترجمته من «الإصابة» (١): أنه لما عاد بعد إسلامه إلى قومه ــ وذلك قبل الهجرة بمدة ــ دعا قومه إلى الإسلام فلم يجبه إلا أبوه وأبو هريرة. فعلى هذا يكون إسلام أبي هريرة قبل الهجرة، وإنما تأخرت هجرته إلى زمن خيبر.

وذكر أبو ريَّة ص ١٥٣ مقاولةَ أبي هريرة وأبان بن سعيد بن العاص وقول أبان: «واعجبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى علينا من قدوم ضأن» وعلَّق في الحاشية (الوبر دابة ... والمعنى أن أبا هريرة ملتصق في قريش، وشبَّهه بما يعلق بوبر الشاة). وهذا من تحقيق أبي ريَّة‍! وليس أبو هريرة من قريش في شيء لا مُلْصق ولا غير مُلْصق. وقوله: (وشَبَّهه) يقتضي أن الرواية (وَبَر) بالتحريك، ولو كان كذلك لما بقي لقوله: (الوبر دابة .. ) معنى، وعلَّق أيضًا: (ومما يلفت النظر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذ أبانًا بما أغلظ لأبي هريرة) وأقول: ليس ذاك بإغلاظ، مع أنه إنما كان جوابًا ومكافأة.

وقال ص ١٥٤: (ولفقره اتخذ سبيله إلى الصُّفَّة، فكان أشهر مَنْ أَمَّها، ثم صار عريفًا لمن كانوا يسكنونها) وعلَّق عليها عن أبي الفداء تعريفًا لأهل الصّفُّة كما توهَّم، وقد عرَّفهم أبو هريرة رضي الله عنه التعريفَ الحقَّ فقال كما في «الصحيحين» وغيرهما (٢): «وأهل الصفة أضياف الإسلام [ص ١٠٤] لا يأوون على أهل ولا مال الخ». وقد قال الله تبارك وتعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} الآية [البقرة: ٢٧٣]. كان للأنصار


(١) (٣/ ٥٢٢).
(٢) البخاري (٦٤٥٢)، ولم أجده في مسلم، وأخرجه أحمد (١٠٦٧٩)، والترمذي (٢٤٧٧).