للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أبو ريَّة: (ومن العجيب أن أبا هريرة قد صرَّح في هذا الحديث بسماعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنه قد أخذ بيده حين حدَّثه به. وإني لأتحدَّى الذين يزعمون في بلادنا أنهم على شيء من علم الحديث وجميع من هم على شاكلتهم في غير بلادنا أن يحلُّوا لنا هذا المشكل، وأن يخرجوا بعلمهم الواسع شيخهم من الهوَّة التي سقط فيها ... ).

أقول: لم يقع شيخنا رضي الله عنه في هُوَّة، ولا قال أحدٌ من أهل العلم إنه وقع فيها، أما إذا بنينا على صحة الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الحق إن شاء الله فواضح، وأما على ما زعمه ابنُ المديني فلم يصح عن أبي هريرة، ولا عمن روى عنه، ولا عن الثالث شيء مِن [ص ١٣٩] هذا، لا قوله: «أخذ رسول الله بيدي فقال» ولا قوله: «خلق الله التربة ... ».

وأما على حَدْس البخاري فحاصله أن أيوب غلط، وقع له عن أبي هريرة خبران، أحدهما: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال» فذكر حديثًا صحيحًا غير هذا. والثاني: «قال كعب: خلق الله التربة يوم السبت ... » فالتبس المقولان على أيوب فجعل مقول كعب موضع مقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم (ص ١١٧) (١) قول بُسْر بن سعيد: أنه سمع بعض مَن كان معهم في مجلس أبي هريرة: «يجعل ما قاله كعب عن رسول الله، وما قاله رسول الله عن كعب».

أما البيهقي فلم يقل شيئًا من عنده إنما قال: «وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى ... » فذكر قول ابن المديني.


(١) (ص ٢٢٥).