للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدم ميله إلى الشافعي كان لسبب آخر، وثَمَّ عللٌ تقدح في صحة هذه الكلمة: «ليس بثقة» عنه، وقد أوضحتُ ذلك في «التنكيل» (١).

[ص ٢٠٣] ثم ذكر أبو ريَّة ص ٣١٢ - ٣٢٢ كلامًا للمقبليّ (٢)، والمقبليّ نشأ في بيئة اعتزالية المعتقد، هادوية الفقه، شيعية تشيعًا مختلفًا، يَغْلُظ في أناس ويخفّ في آخرين، فحاولَ التحرُّر فنجح تقريبًا في الفقة، وقارب التوسُّط في التشيُّع، أما الاعتزال فلم يكد يتخلّص إلا من تكفير أهل السنة مطلقًا.

وكلامه هنا (٣) يدور حول قضايا الاعتزال، كالقَدَر، ونفي رؤية المؤمنين ربّهم في الآخرة، والقول بخلق القرآن، والدفاع عن عَمرو بن عُبيد أحد قدماء المعتزلة، وهذه المسائل معروفة مدروسة، والمقبليُّ لم يسبر غورَها، ولا حقَّق ما كان عليه الأمر في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين بإحسان، فلذلك أخذ يلوم أحمد وينسبه إلى الإفراط في التشدّد، ولعلّه لو عَلِم ما عَلِم أحمد لنَسَبه إلى التسامح.


(١) (١/ ٤١٣ ــ ٤١٥). وقد طعنوا في رواية ابن وضّاح بأنه يخطئ كثيرًا، وأنهم رأوا في أصله الذي كتبه بالشرق: سألت يحيى بن معين عن الشافعي فقال: ثقة. وأن أصحاب ابن معين كثيرون وهم أَعْرف به وألزم له، وأثبت في النقل وأحرص= ولم ينقلوا ما نقله هذا المغربي.
أقول: وكلام الذهبي في كتابه «معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد» (ص ٤٧).
(٢) هو: صالح بن مهدي بن علي المقبلي اليماني (١٠٣٨ ــ ١١٠٨)، من العلماء المجتهدين. ترجمته في «البدر الطالع»: (١/ ٢٧٣)، و «الأعلام»: (٣/ ١٩٧).
(٣) في كتابه «العَلَم الشامخ».