للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما قول الثوري: «أنا في هذا الحديث منذ ستين سنة، وَدِدْتُ أني خرجتُ منه كفافًا لا عليَّ ولا لي» (١). فهذا كلام المؤمن الشديد الخشية، تتضاءل عنده حسناتُه الكثيرة العظيمة، ويتعاظم في نظره ما يخشى أن يكون عَرَضَ له من تقصير أو خالطه من عُجْب، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نحو هذا فيما كان له بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عمل (٢)، وإنما كان عمله ذلك جهادًا في سبيل الله، وإعلاء دينه، وتمكين قواعده، وإقامة العدل التام، وغير ذلك من الأعمال الفاضلة. وقد كان فيها كلها أبعد الناس عن حظِّ النفس، بل كان يبالغ في هضم نفسه وأهل بيته. وكلُّ عارفٍ بالإيمان وشأنه يعرف لكلمة عمر حقَّها، ولكن الرافضة عكسوا الوضع، وقفاهم أبو ريَّة في كلمة الثوري وما يشبهها‍!

وعلَّق أبو ريَّة على كلمة: «لو أدركنا وإياكم عمر بن الخطاب الخ» ما تقدَّم تفنيده في مواضع.


(١) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم»: (٢/ ١٠٢٥).
(٢) أخرجه أحمد في «الزهد» (ص ١٢٤)، وبنحوه في «الرقة والبكاء» (١٤٥) لابن أبي الدنيا.