للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحق من الباطل، وراجع (ص ٥٥ و ٦٢) (١).

قال: (ثم إن أحكام الناس على الرجال تختلف كل الاختلاف، فبعضٌ يوثق رجلًا وآخر يكذبه، والبواعث النفسية على ذلك لا حدَّ لها ... ).

أقول: إذا نظرنا إلى الواقع فعلًا انقشع هذا الضباب، حسبك أن رجال البخاري يناهزون ألفي رجل، وإنما وقع الاختلاف في ثمانين منهم، وقد عرضتُ سابقًا حالَ الثمانين.

قال: (ولعل من أوضح ذلك عكرمة مولى ابن عباس ... ).

أقول: ترجمة عكرمة في «مقدمة فتح الباري» (٢) فليراجعها من أحبّ، أما البخاريُّ فكان الميزان بيده، لأنه كان يعرف عامة ما صحَّ عن عكرمة أنه حدَّث به، فاعْتَبَر حديثَه بعضه ببعض من رواية أصحابه كلهم، فلم يجد تناقضًا ولا تعارضًا ولا اختلافًا لا يقع مثله في أحاديث الثقات، ثم اعْتَبَر أحاديثَ عكرمة عن ابن عباس وغيره بأحاديث الثقات عنهم فوجدها يصدِّق بعضُها بعضًا، إلا أن ينفرد بعضهم بشيء له شاهد من القرآن أو من حديث صحابيّ آخر. فتبيَّن للبخاري أنه ثقة. ثم تأمَّلَ ما يصح مِن كلام مَن تكلَّم فيه فلم يجد حجةً تُنافي ما تبيَّن له.

قال: (فابن جرير الطبري يثق به كل الثقة، ويملأ تفسيره وتاريخه بأقواله والرواية عنه).

[ص ١٩٠] أقول: نعم يثق به ابن جرير، لكن ليس روايته عنه في «تفسيره» و «تاريخه» بدليل على ذلك، فإنه كثيرًا ما يروي فيهما عمن ليس بثقة عنده؛


(١) (ص ١٠٨ ــ ١٠٧ و ١٢١ ــ ١٢٢).
(٢) (ص ٤٢٥ ــ ٤٣٠).