للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١٠٠] أبو هريرة

وقال أبو ريَّة ص ١٥١: (أبو هريرة: لو كانت أحاديث رسول الله كلها من الدين العام كالقرآن لا يقوم إلا عليها ولا يؤخذ إلا منها، وأنه يجب على كلّ مسلم أن يعرفها ويتبع ما فيها، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه أن يحفظوا هذه الأحاديث لكي تؤثر بعده، لكان أكثر الصحابة رواية لها أعلاهم درجة في الدين ... ).

أقول: قدمنا الكلام في نظرية: «دين عام ودين خاص» (ص ١٤ - ١٧)، و (ص ٣١ - ٣٥) (١). ولم يوجب الله تعالى على كلّ مسلم معرفة القرآن نفسه سوى الفاتحة لوجوبها في الصلاة. وأمّا الاتباع: فطريقته أن العلماء يعرفون ويجتهدون، والعامة تسألهم عند الحاجة، فيفتونهم بما علموا من الكتاب والسنة. وكان الصحابة مأمورين بأن يبلِّغ كلٌّ منهم عند الحاجة ما حفظه، والذين حفظوا القرآن كلَّه في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليسوا مِنْ أكابر الصحابة، وقد مات أبو بكر وعمر قبل أن يستوفي كلٌّ منهما القرآنَ حفظًا (٢).

وكان هناك عملان: الأول: التلقي من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، الثاني: الأداء، فأما التلقّي فلم يكن في وُسع الصحابة أن يلازموا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ملازمةً مستمرَّة، وإذ كان أنس وأبو هريرة ملازمين للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لخدمته فلابدّ أن يتلقّيا مِن الأحاديث أكثر مما تلقاه المشتغلون بالتجارة والزراعة.

على أن أبا هريرة لحرصه على العلم تلقَّى ممن سبقه إلى الصُّحبة ما عندهم من الأحاديث، فربما رواها عنهم وربما قال فيها: «قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ... » كما شاركه غيره منهم في مثل هذا الإرسال لكمال وثوق بعضهم ببعض،


(١) (ص ٢٩ ــ ٣٦، وص ٦١ ــ ٦٩).
(٢) انظر ما سبق (ص ٦٣).