للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت: كيف نصنع بالمهراس» وعلّق عليه: «المهراس صخر ضخم منقور لا يحمله الرجال ولا يحركونه يملؤونه ماء ويتطهَّرون).

أقول: قد أسلفتُ (ص ١٠٨) (١) أن عائشة لم تتكلّم في هذا الحديث بحرف، وإنما يُرْوَى عن رجل يقال له قين الأشجعي (٢) أنه قال لأبي هريرة لمَّا ذكر الحديث: «فكيف نصنع إذا جئنا مهراسكم هذا؟» فقال أبو هريرة: «أعوذ بالله من شرِّك». كره أبو هريرة أن يقول مثلًا: إن المهراس ليس بإناء، والعادة أن يكون ماء الإناء قليلًا، وماء المهراس كثيرًا. أو يقول: أرأيت لو كانت يدك ملطخة بالقذر؟ أو يقول: إن وجدت ماء غيره أو وجدت ما تغرف به فذاك وإلا رجوت أن تُعْذَر، أو نحو ذلك؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يتورَّع عن تشقيق المسائل، ويدع ذلك لمن هو أجْرَأُ وأشدُّ غوصًا على المعاني منه. وقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يلتزم في الوضوء أن يغسل يديه ثلاثًا قبل إدخالهما الإناء، ثبت ذلك من حديث عثمان وعبد الله بن زيد (٣). ولا يخفى ما في ذلك مِنْ رعاية النظافة والصحة.

قال أبو ريَّة: (ولما سمع الزبير أحاديثه قال: صدق، كذب).


(١) (ص ٢٠٨).
(٢) مسند أحمد (٣٨٢: ٢) [٨٩٦٥]. [المؤلف].
أقول: سنده حسن من أجل محمد بن عَمرو بن علقمة.
ووقع في «المسند»: «قيس الأشجعي» وصوابه: «قين» بالنون. انظر «مسند أبي يعلى» (٥٩٧٣)، و «معرفة الصحابة»: (٤/ ٢٣٦٣)، و «الإصابة»: (٥/ ٥٦٧)، و «تكملة الإكمال»: (٤/ ٦٧٩). ووقع في (ط): «فكيف تصنع».
(٣) حديث عثمان أخرجه البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٢٧).
وحديث عبد الله بن زيد أخرجه البخاري (١٨٦)، ومسلم (٢٣٥).